للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحَّ عن أبي إسحاقَ: سَألْتُ أبا جُحَيْفةَ عن يومِ الحجِّ الأكبرِ؟ قال: يومُ عرَفةَ، فقلتُ: أمِن عِندِك أم مِن أصحابِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كلُّ ذلك (١).

ورُوِيَ عن عمرَ وابنِ عمرَ، وفيه جَهَالةٌ.

وعن ابنِ عبَّاس قولان.

وذهَبَ بعضهم: إلى أن يومَ الحجِّ الأكبرِ هي أيامُ الحَجِّ كاملةً؛ وبه قال مجاهدٌ (٢)، وابنُ عيَيْنةَ (٣)؛ وذلك أنَّ العرَبَ تسمِّي الأيامَ المُشترَكةَ بحُكمٍ وعِلَّةِ واحدةٍ بيومِ كذا؛ كقَوْلِهم: يومُ الجَمَل، ويومُ صِفِّينَ، وهي أيَّامٌ لا يومٌ.

قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}:

وفي الآيةِ بيانٌ لحالِ أصحابِ العهودِ المُطلَقةِ أنه تمَّ تقييدُها بأربعةِ أشهُرِ؛ على ما تقدَّمَ بيانُه.

ومَن نقَضَ عهدَهُ في أثناءِ الأشهُرِ الأربحةِ فيُقاتَلُ؛ وهذا في دليلِ الخطاب مِن قوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}، وفي صريحِ الخِطابِ مِن قولِهِ بعدَ ذلك: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: ١٢].

وفي قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} دليلٌ على أنَّ العهدَ المنقوصَ كالعهدِ المنقوض، فمَن نقَصَ مِن العهدِ شرطًا، فكأنَّما نقَضَهُ كلَّه.


(١) "تفسير الطبري" (١١/ ٣٢٢).
(٢) "تفسير الطبري" (١١/ ٣٣٥).
(٣) "تفسير الطبري" (١١/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>