للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفْضَلُ مِنْ ألْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِد، إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ (١)؛ فالمرادُ بـ (مسجدَ الكَعْبَةِ) التعريفُ به، لا حَصْرُهُ بالكعبةِ وما أحاط بها؛ وذلك كقولِهِ تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وليس المرادُ بذلك أنَّ الهديَ يُذبَحُ عندَ الكَعْبةِ؛ وإنَّما في الحَرَمِ؛ وذلك أيضًا في قولِهِ تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣]، وأكبرُ مَحِلُّ للمَنحَرِ مِنًى، وهي مِن الحَرَمِ.

ويدلُّ على أنَّ اللهَ إذا ذكَرَ المسجدَ الحرامَ أرادَ الحرَمَ كلَّه: أنه قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [التوبة: ٧]؛ فقال: ﴿عَندَ﴾ وذلك لأنَّه كان لي صُلْحِ الحُدَيْبِيَة، وقد كان بينَ الحِلِّ والحَرَمِ.

وفد جعَلَ ابنُ عبَّاسٍ مَكَّةَ الحرَمَ كلَّه، وصحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ ومجاهِدٍ وعطاءٍ: أنَّ مَقامَ إبراهيمَ الذي يُتَّخَذُ مُصلَّى في: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥]، هو الحرَمُ كلُّه (٢).

قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)[التوبة: ٢٩].

في الآيةِ: قتالُ أهلِ الكتاب، وأخذُ الجِزْيةِ منهم عندَ عَدَمِ قَبُولِهم الإسلامَ، وإذا أَعطَوْها فيُمْسَكُ عنهم، وقد نرَلَتْ في غزوةِ تبوكَ؛ كما قاله غيرُ واحدٍ مِن السَّلَفِ (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٣٩٦).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٢٦).
(٣) "تفسير الطبري" (١١/ ٤٠٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٧٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>