للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبُهم)، قال: مَن أسلَمَ مِن يهوديٍّ أو نَصْرانيٍّ، قلتُ: وإنْ كان مُوسِرًا؟ قال: وإنْ كان مْوسرًا (١).

وقد أَعطَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أقوامًا مِن المالِ؛ تأليفًا لقلوبِهم؛ ففي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ؛ قال: "بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِاليَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ العَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ الخَيْلِ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، فَتَغَيَّظَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ، فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؟ ! قَالَ: (إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ) " (٢).

ولا ستمالةِ قلوبِهِمْ مَقْصَدانِ:

المَقصَدُ الأوَّلُ: أن يُستَمالُوا إلى الإسلام، فيَقرُبُوا منه، وأنْ يُزَالَ ما يَجِدُونَهُ مِن نفورٍ وكُرْهٍ؛ فإنَّ للمالِ أثرًا على أكثرِ القلوبِ تُستَمالُ به، وتُحِبُّ مَن أحَسنَ إليها، ويُزِيلُ النفورَ والكُرْهَ الذي يَجِدُونَهُ على الإسلامِ وأهلِهِ فيَمِيلُونَ إليه؛ ففي "الصحيحِ"، عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ؛ أنَّ صَفْوانَ بنَ أُمَيَّةَ قال: "وَالله، لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ" (٣).

المَقصَدُ الثاني: أنْ يُدفَعَ شرُّهم عن أهلِ الإسلامِ وكَيْدُهم بهِم، فإنْ أَخَذُوا مالًا، زالَ ما في قلوبِهم مِن حِقْدِ وغِلٍّ وكُرْهٍ، وحُبٍّ للزوال، فإن أُعْطُوا، طَمِعُوا في مِثْلِه، ورَجَوُا العَطِيَّةَ في كلِّ عامٍ، فاندفَعَ شرُّهم؛ لِما يَرْقُبونَهُ مِن عطاءٍ ورزقٍ.


(١) "تفسير الطبري" (١١/ ٥٢١)، و "تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٨٢٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٣٣)، ومسلم (١٠٦٤).
(٣) أخرجه مسلم (٢٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>