للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الأُولى: أنْ يكونَ قَصْدُهُ مِن عَرْضِهِ للبيعِ التِّجَارةَ، فيَبيعُهُ لِيَشترِيَ سِلْعةً أُخرى، ويَبِيعَهُ ويُضارِبَ بقيمتِهِ؛ ففي ذلك زكاةُ عروضِ التجارةِ.

والحالةُ الثانيةُ" ألَّا يكونَ قصدُهُ التِّجارةَ؛ وإنَّما أنْ يُبدِّلَ متاعًا بمتاعٍ؛ كمَن يَعرِضُ فرَسَهُ المركوبَ، وبيتَهُ المسكونَ، وقميصَهُ الملبوسَ مِنه للبَيْع، ويُرِيدُ أن يُبدِّلَهُ بغَيرِه، فحالَ الحَوْلُ عليه وهو يَعرِضُهُ وهو منتفِعٌ به، فليس في ذلك زَكَاةٌ؛ لأنَّه لم يَعْرِضْهُ تجارةً، وإنَّما كان متاعًا وسيصيِّرُهُ متاعًا، وانتفاعُهُ منه مُوجِبٌ لسقوطِ الزكاةِ فيه؛ شريطةَ ألَّا يكونَ انتفاعُهُ مه اتفاعًا عارضًا.

وأمَّا عروضٌ البيعِ التي لا يُنتفَعُ بها، ولا يُرادُ ببيعِها إدارتُها تجارةً؛ بل شراءُ متاعٍ بثمَنِها، كمَنْ يَعرِضُ دارًا أو مَرْكَبًا لا يَنتفِعُ بها ليَشترِيَ أُخرى يَنتفِعُ بها، ففيها زكاةٌ؛ لأنَّه يَعرِضُها لبيعِها ولا ينتفِعُ بها، وعَرْضُهُ للبيعِ في نفسِهِ تجارةٌ يَلتمِسُ منه رِبْحًا ولو كان ثمَنُها يَؤُولُ بعدَ ذلك إلى مَتَاع، ولو أُسقِطَتِ الزكاةٌ عن عروضِ التجارةِ لهذه العِلَّةِ؛ لَسَقَطَتْ عن كثيرٍ مِن العُرُوضِ التِّجاريةِ؛ لأنَّ أكثرَ الناسِ يُتاجِرونَ ليَستمتِعوا بأثمانِ تِجارتِهم في العاجلِ والآجل، وفتحُ بابِ إسقاطِ الزكاةِ في البيعِ الأوَّلِ للمعروضِ يَفتَحُ البابَ لِمَا بعدَه؛ لأنَّه لا دليلَ على وضعِ حدٌّ معيَّنٍ، وأوَّلُهُ كمُنْتهاهُ، واللهُ أعلَمُ.

وبهيمةُ الأنعامِ والزُّرُوعُ والحبوبُ إنْ كانت عروضًا للبيع، ففيها زكاةُ عروضِ التِّجارة، لا زكاةُ الحبوبِ والثمار وبهيمةِ الأنعام، وتُقوَّمُ فيمتُها كما تُقوَّمُ عروضُ التجارة، ثم تُخرَجُ زكاتُها مِن كلِّ أربعينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وقد كان السَّلَفُ يَعمَلونَ بهذا؛ كعطاءٍ وعمرِو بنِ دينارِ والزُّهْريِّ ويونُسَ والشَّعْبيِّ والنخَعيِّ والثوريِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>