إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾، وقال مِثْلَ ذلك في الشُّعَراءِ ويُونُسَ، وقال هودٌ لقومِهِ: ﴿يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [هود: ٥١]، وقال مِثلَ ذلك في سورةِ الشُّعَراء، وقالهُ مِثلَه صالحٌ ولُوطُ لقومِهما فيها.
الأولُ: أنَّ الناسَ تَزهَدُ فيمَن يأخُذُ مالًا على دَعْوتِه؛ لأنَّهم يشُكُّونَ في قَصْدِه، ويظُنُّونَهُ يطلُبُ دُنيا عاجلةً ورِفْعةً وعلوًّا وجاهًا، ويَعرِفونَ المتجرَّدَ مِن قِلَّةِ طَمَعِهِ فيهم، وسؤالِهِ الحاجاتِ منهم، وتشوُّفِهِ إلى ما في أيدِيهِم، وقد قال الرجلُ الذي جاء مِن أَقْصى المدينةِ: ﴿يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)﴾ [يس: ٢٠ - ٢١]؛ فاستدَلَّ على صِدْقِهم بعَدَمِ طَمَعِهم، ومَنِ اعتادَ أحدَّ الأجرِ على دَعْوتِهِ ونُصْحِه، واحتاجَ إلى هذا العطاءِ وتعلَّقَ به، تكلَّفَ في حديثِهِ وفِعْلِهِ حتى يُعطِيَهُ الناسُ، وأخَدَ يقولُ ما لا يُحِبُّهُ ويُؤمِنُ به ما دامَ الناسُ الذين