للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم مَن قال: إنَّه أراد نساءَ قوْمِه؛ وبهذا قال الأكثرُ؛ كمجاهِدٍ وسعيدِ بنِ جُبَيرْ (١).

وعلى كِلا القولَيْنِ يَرِدُ إشكالٌ:

فأمَّا إنْ كان مرادُهُ بنَاتِهِ مِن صُلْبه، فإنَّ قومَهُ أكثَرُ عددًا منهنَّ، فيستحيلُ أن يكونَ بناتُ رجُل واحدٍ يَستَوْعِبْنَ رجالَ قومِه؛ لأنَّ الخِطَابَ لهم في الآيةِ: ﴿يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾، ولعلَّه أرادَ مَن جاءَ منهم، لا جميعهم، أو أرادَ رؤساءَهم.

وأمَّا إنْ كان مرادُهُ بَناتِ قومِه، وسَمَّاهُنَّ بَناتِه، فإنَّ النبيَّ لا يكونُ أبًا للكافرينَ، وقومُهُ رجالًا ونساءً كفارٌ؛ فلا يكونُ النبيُّ أباهم؛ فإنَّ الأنبباءَ آباءُ المؤمنينَ، وأزواجُهُمْ أمَّهاتُهم؛ كما في قولِهِ تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦]، وفي قراءةٍ: "وَهُوَ أبُوهُمْ" (٢).

ومنهم مَن قال: إنَّه لم يَعرِضْ عليهم نِكاحًا ولا سِفاحًا؛ وإنَّما أرادَ صَدَّهم عن أضيافِه (٣).

وأصرَحُ مِن هذه الآيةِ عَرْضُ صاحِبِ مَدْيَنَ على نبيِّ اللهِ موسى ابنتهُ، ويأتي الكلامُ على ذلك في سورةِ القَصَصِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٧].

* * *


(١) "تفسير الطبري" (١٢/ ٥٠٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ٢٠٦٢).
(٢) "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص ٣٢٢).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ٢٠٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>