للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى علي بالخِدْمةِ الظاهرة، وكان الصحابةُ يَتزوَّجونَ وتقومُ أزواجُهم يخِدْمتِهم؛ كما قال جابرٌ للنبيِّ : "إِنَّ عَبدَ اللهِ هَلَكَ وتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ" (١).

وإنَّما لم تأتِ نصوصٌ صريحةٌ آمِرةٌ في ذلك؛ لأنَّ كلَّ البيوتِ كانتْ تَجري على العُرْف، فتُرِكَتْ على ما هي عليه، والنِّساءُ يَعمَلْنَ في بيوتِ أزواجِهِنَّ ولا يُؤمَرْنَ بذلك، ويقومُ الزوجُ بعلاجِ زَوْجَتِهِ إنْ مَرِضَتْ، وأكثرُ الفقهاءِ كالمذاهبِ الأربعةِ لا يُوجِبُونَ ذلك عليه، ويَفْعَلُ ذلك عادةً وإحسانًا بلا تعاقُدِ ولا مُشارَطةٍ عليه، ولو دخَلَتِ المُشارَطةُ والعقودُ في مِثلِ هذا العُرْف، لَفَسَدَتِ البيوتُ وقلَّ الإحسانُ بينَ الزوجَيْنِ.

* * *

قال تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: ٢٣].

نادَتِ امرأةُ العزيزِ يوسُفَ بعدَ مُراوَدةٍ على الفاحشة، وإغلاقٍ للأبوابِ عن الخَلْق، وقد ذكَرَ اللهُ وقوعَ المُراوَدةِ مِن امرأةِ العزيزِ لوسُفَ بقوله ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا﴾؛ يعني: أنه أُرِيدَ مِن ذاتِ سُلْطانٍ وجاهٍ، وهذا مِن عظيمِ الفتنةِ للرِّجالِ؛ كما قال في السَّبْعَةِ الذين يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه: (وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ) (٢)، فقدَّمَ المَنصِبَ على الجمال، لِأَثَرِهِ في النفوس، والأصلُ: أنَّ الملوكَ لا يَختارونَ إلَّا ذاتَ


(١) أخرجه البخاري (٥٣٦٧)، ومسلم (٧١٥).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٢٣)، ومسلم (١٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>