في هذه الآيةِ: دليلٌ على أنَّ السَّرِقةَ مِن الفسادِ في الأرضِ؛ فقد وَصَفُوا ما اتَّهِموا به بأنَّه فسادٌ في الأرض، ويجوزُ أن يُلحِقَ الحاكمُ السَّرِقةَ المتكرِّرةَ بالفسادِ في الأرص، فيَقتُلَ السارقَ كثيرَ السَّرقةِ عظيمَ الشرِّ تعزيرًا؛ وذلك في زمنِ انتشارِ السرقةِ وذيوعِها، وعندَ القدرةِ على أهلِها، والأمنِ مِن الفتنِ والفسادِ التابعِ لذلك.
ولا يجوزُ أن تُجعَلَ السرقة المجرَّدةُ الواحدة حِرَابَةً؛ فإنَّ في ذلك إسقاطًا لحدِّ القَطْعِ، والحِرَابةُ حَدٌّ تعزيريٌّ واسعٌ، والقطعُ حدٌّ ضيِّقٌ، ولا يختلِفُ العلماءُ أنَّه إنْ تحقَّقَتِ السرقةُ الأُولى بشروطِها أنَّه يجبُ فيها القطعُ، ولكنْ إنِ اقترَنَ بالسرقةِ دعوةٌ إلى فِعْلِها والارتِزاقِ منها، أو تكرَّرت تكرُّرًا فاحشًا واقترَنتْ بخَوْفٍ ولو داخِلَ البلدِ وليس في المَفازاتِ، فلا حرَجَ مِن إلحاقِها بالفسادِ في الأرضِ.