ويحرُمُ على الرِّجالِ والنِّساءِ الأكلُ في صحائفِ الذَّهَب والفِضَّةِ، والأكلُ في آنيتِهما؛ سواءٌ كانتِ الأواني والصحائفُ مِن ذهبٍ خالصٍ أو مَطليَّةً بالذهبِ؛ فالحُكْمُ لِما ظهَرَ منها.
ولس في الحليِّ المستعملِ والمُعَارِ زكاةٌ؛ كما تقدَّمَ بيانُهُ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)﴾ [التوبة: ٣٤].
وتقدَّمَ الكلامُ على ركوبِ البحرِ وأحوالِه، وحُكْمِ الغزو فيه وفضلِه، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [يونس: ٢٢].
* * *
* قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦)﴾ [النحل: ٦٦].
في هذه الآيةِ: حِلُّ الألبانِ مِن بهيمةِ الأنعام، وما أحَلَّ اللَّهُ لحمَهُ فإنَّ لبنَةُ حلالٌ؛ وذلك لأنَّ اللحمَ أصلٌ واللبنَ فرعٌ، وضرر اللحومِ أشَدُّ مِن ضررِ الألبانِ؛ وذلك لأنَّ اللبنَ يتحوَّلُ مِن طعامٍ تحوُّلًا خفيفًا، بخلافِ اللحمِ؛ فإنَّ طعامَ البهيمة يتحوَّل إلى لحم في بَدَنِها في وقتٍ أطوَلَ مِن اللبنِ، فما حَلَّ لحمُهاِ مِن البهائمِ، فإنَّ لبنَها حلالٌ مِن بابِ أَولى كالخيلِ، وما حَرُمَ لحمُها، فلبنُها حرامٌ؛ كلبنِ الحمارِ.
وأمَّا الاستدلالُ بالقرينةِ على أنَّ اللَّهَ ذكرَ الأنعامَ، وهي البهائمُ مِن الغنمِ والبقرِ والإبلِ، فذلك دليلُ خِطَابٍ على تحريمِ لَبَنِ غيرِها:
ففي هذا نظرٌ؛ لأنَّ الآيةَ مكيَّةٌ، ولم تأتِ لبيانِ محرَّماتِ الأطعمةِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute