للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الجديدُ: فإنَّه يقولُ بأنَّه لا يَملِكُ التصرُّفَ فيما ملَّكَهُ سيِّدُهُ؛ لا ببيعٍ ولا شراءٍ، إلَّا بإذنِ سيِّدِهِ؛ وهذا قولُ أبي حنيفةَ.

* * *

* قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٨٠)} [النحل: ٨٠]

قدَّمَ اللَّهُ الانتفاعَ باللِّباسِ كما سبَقَ على الانتفاعِ بصناعةِ البيوتِ مِن جلودِ الأنعامِ وشعَرِها؛ لأنَّ سَتْرَ البدَنِ أولى مِن الاستظلالِ بالبيوتِ، ولو خُيِّرَ الإنسانُ بينَ لِبَاسٍ يستُرُ بدَنَهُ بلا دارٍ، أو دارٍ تُؤْوِيهِ عاريًا، لاختارَ ما يستُرُ بدَنَه، لأنَّه لا يستطيعُ الانتفاعَ والضَّرْبَ في الأرضِ مع التعرِّي، وهذا يدُلُّ على عَظَمةِ سَترِ الأبدانِ ونِعْمةِ اللَّهِ فيها، وكلا السَّتْريْنِ نعمةٌ: سَتْرُ البدنِ باللِّباسِ، وسَترُ الأشخاصِ بالبيوتِ والسَّكَنِ فيها؛ ولكنَّ النِّعَمَ مَراتبُ.

* * *

* قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)} [النحل: ٩٠].

قرَنَ اللَّهُ العدلَ والإحسانَ وإيتاءَ ذي القُرْبى بالنَّهْي عن الفاحشةِ والبغي؛ لأنَّه إذا حضَرَ العدلُ، غابَ البغيُ والفواحشُ، وهناك تلازُمٌ بينَ صِلَةِ الرَّحِمِ والإفسادِ في الأرصِ؛ أنَّ النفوسَ بينَها صِلَةٌ ومجبولةٌ على الحياءِ بعضِها مِن بعضٍ، فيَحتشِمونَ ويتهيَّبونَ مِن قومِهم، وإنْ أحَبَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>