ومَن جازَ له اقتناءُ الكلبِ لحاجةٍ، فلا يجوزُ له أن يتعدَّى حاجتَهُ؛ فمَن اتَّخَذَهُ للزرعِ أو الماشيةِ أو الصيدِ، فلا يجوزُ له أن يتَّخِذَهُ في غيرِ موضعِه؛ كمَنْ يصطحِبُ كلبَ الماشيةِ في سَفَرٍ لا ماشيةَ فيه، أو يصطحِبُ كلبَ صيدٍ في السُّوقِ والطُّرُقاتِ التي لا صَيْدَ فيها؛ وذلك لِمَا روى أبو هريرةَ ﵁؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال:(لَا تَصَحَبُ المَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ)(١).
قام أهلُ الكهفِ بإرسالِ واحدٍ منهم بما معهم من دراهمَ ليشترِيَ مِن المدينةِ زادًا طيِّبًا، وأن يكون ذلك مع حذرٍ وتلطُّفٍ؛ لأنَّهم يَذْكُرونَ قومَهم على كفرٍ فيَخشَوْنَ منهم؛ ولذا قالوا: ﴿وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ﴾ [الكهف: ١٩ - ٢٠].
وقد استجاب هؤلاء الفتيةُ للحقِّ؛ وإن كان شيوخُ المدينةِ وكبارُهم لم يُؤمِنوا، مع أنَّ الكبارَ أكملُ عقولًا ولكنَّهم أشَدُّ عنادًا وأنَفَةً؛ ولهذا يُقبِلُ الفِتْيانُ على الحقِّ أسرَعَ وأشَدَّ من الشيوخِ، وهذا مع أكثرِ الأنبياءِ، وقد قال اللَّه عمَّن آمَنَ مع موسى: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾ [يونس: ٨٣]؛ يعني: فِتْيَانَهم.