للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابنُ ماجَه وغيرُهُ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ : "أنَّ رسولَ اللَّهِ نَهَى أَنْ يُبْنَى على القبورِ، أو يُقعَدَ عليها، أو يُصلَّي عليها" (١).

وقد رُوِيَ ثابتٌ البُنَانِيُّ، عن أنسٍ ؛ قال: "كنتُ أُصلِّي قريبًا مِن قبرٍ، فرآني عمرُ بنُ الخطَّاب، فقال: القَبْرَ القَبْرَ! فرفَعْتُ بَصَرِي إلى السماءِ وأنا أحسَبُهُ يقولُ: القَمَرَ! ؟ " (٢).

وقد رَوَى قتادةُ، عن أنسٍ؛ أنَّه مَرَّ على مَقْبَرةٍ وهم يَبْنُونَ مسجدًا، فقال أنسٌ: "كَانَ يُكْرَهُ أَنْ يُبْنَى مَسْجِدٌ فِي وَسَطِ الْقُبُورِ" (٣).

وقال أشعثُ: عن ابنِ سِيرِينَ: "كانوا يَكْرَهونَ الصلاةَ بينَ ظَهْرَانَيِ القبورِ" (٤).

وعلى هذا ينُصُّ الأئمَّةُ على اختلافِهم، وقد نقَلَ النوويُّ (٥) وغيرُهُ فُتْيَا العلماءِ على إزالةِ ما يُبْنَى على القبورِ ومِن قِبَابٍ ممَّا صنَعَهُ جُهَّالُ الملوكِ، والملبِّسون مِن العلماءِ، حتى نقَل الهيتميُّ فُتيا الأئمَّةِ بإزالةِ ما بُنِيَ على قبرِ الشافعيِّ وغيرِهِ بمصرَ (٦).

وقد اختلف العلماءُ في الصلاةِ المؤدَّاةِ في المقبرة: هل تصحُّ أو تجبُ إعادتُها؟ على قولَيْنِ -هما روايتانِ عن أحمدَ-:

الأوَّل: أنَّها لا تُعادُ؛ وهذا قولُ الأكثرِ؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ.


(١) أخرجه ابن ماجه (١٥٦٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٠٢٠)؛ واللفظ له.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١٥٨١)، وعلقه البخاري قبل حديث (٤٢٧).
(٣) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢٦٧٩).
(٤) "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٣٩٨).
(٥) "المجموع" (٥/ ٢٩٨).
(٦) "تحفة المحتاج، في شرح المنهاج" (٣/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>