للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)} [الحج: ٢٨].

في أداءِ المناسكِ: منافعُ دينيَّةٌ ودنيويَّةٌ؛ فالدينيَّةُ: تحقيقُ التوحيدِ، وتعظيمُ اللَّهِ وعبادتُهُ، وكسبُ الأجرِ، وتكفيرُ الذنوبِ، والدنيويَّةُ: كالتجارةِ، وجَلْبِ الأرزاقِ الى ساكنِي المسجدِ الحرامِ، وإطعامِ الفقراءِ وغيرِ ذلك، ومِن المفسِّرينَ: مَن قيَّدَها بالمنافعِ الدنيويَّةِ، وبكلا القولَيْنِ قال ابنُ عبَّاسٍ (١)، ومجاهدٌ (٢)؛ وهذا مِن التنوُّعِ لا التعارُضِ؛ فالمقصودُ عمومُ المنافعِ.

وقصدُ الدُّنيا مع قصدِ الحجِّ مُبَاحٌ لا حرَجَ فيه؛ وفي ذلك قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]، بل لو قصَدَ المسلِمُ مَكَّةَ للتجارةِ وكان قد أدَّى فريضةَ الحجِّ مِن قبلُ، فلا حرَجَ عليه، ولكنْ لا ينبغي لمَن كان حاجًّا أن بُعطِّلَ واجباتِ الحجِّ ومناسكَة طلبًا للدُّنيا، فينسى آخِرتَهُ ويذكُرَ دُنياه؛ كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: ٢٠٠ - ٢٠٢].

وقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}: اختُلِفَ في المرادِ بالأيَّامِ المعلوماتِ، وأشهَرُ الأقوالِ قولانِ، وكلاهُما جاء عن ابنِ عبَّاسٍ، وهما روايتانِ عن أحمدَ:


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٤٨٨).
(٢) "تفسير الطبري" (١٦/ ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>