للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذِكْرُ أنسٍ لهذا الوصفِ دليلٌ على أنَّهما قُصِدَا تلمُّسًا للطَّيِّبِ مِن الغنمِ، ولو لم يكنِ الوصفُ مؤثِّرًا، ما ذكَرَهُ في سياقِ عبادةٍ.

وقد ذكَرَ بعضُهم الإجماعَ على استحسانِ لونِ الأُضْحِيَّةِ كالنوويِّ (١)؛ ففي "السُّنَنِ"؛ مِن حديثِ أبي سعيدٍ: "أنَّ رسولَ اللَّهِ ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ، يَأُكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادِ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ" (٢).

وقد قال أبو أمامةَ بنُ سهلٍ: "كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضحِيَّةَ بِالمَدِيَنَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ"؛ رواهُ البخاريُّ (٣).

وفي قولِه: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ إباحةُ الانتفاعِ بالهَدْيِ قبلَ نحرِه، وذلك بركوبِه، والحَمْلِ عليه، والانتفاعِ بصُوفِهِ ووَبَرِهِ وشَعَرِه، وفي "الصحيحَيْنِ"، عن أنسٍ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ: (ارْكَبْهَا)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ؟ ! قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ: (ارْكَبْهَا وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ! ) (٤).

وفي الحجِّ مناسكُ وشعائرُ عظيمةٌ، نعظيمُها وامتثالُ التعبُّدِ بها بما جاء عن النبيِّ : مِن تعظيمِ شعائرِ اللَّهِ؛ فقد قال : (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ) (٥)؛ يعني: عنه؛ فكلُّ أعمالِ المناسكِ مِن شعائرِ اللَّهِ؛ كالصَّفا والمروةِ؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨]، ومِن شعائرِ اللَّهِ: الأشهُرُ الحرُمُ، والقلائدُ، وقاصدو البيتِ الحرامِ،


(١) "شرح النووي على مسلم" (١٣/ ١٢٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٧٩٦)، والترمذي (١٤٩٦)، والنسائي (٤٣٩٠)، وابن ماجه (٣١٢٨).
(٣) أخرجه البخاري معلقًا قبل حديث (٥٥٥٣).
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٥٤)، ومسلم (١٣٢٣).
(٥) أخرجه مسلم (١٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>