للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستُدِلَّ بحديثِ بُسْرِ بنِ أبي أَرْطَاةَ؛ أنَّه أُتِيَ بسارقٍ وقد سرَقَ بُخْتِيَّةً، فقال: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: (لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ) (١).

وهذا الحديثُ منكَرٌ، وتفرَّدَ به الشاميُّونَ، ولا يُعرَفُ عن النبيِّ مِن غيرِ هذا الوجهِ.

قال البيهقيُّ: "هذا إنَّما يُروى بإسنادٍ شاميِّ عن بُسْرٍ، وكان أهلُ المدينةِ يُنكِرونَ أنْ يكونَ بُسْرٌ سمِعَ من النبيِّ " (٢).

وقال الواقديُّ: "بُسْرُ بنُ أبي أرطاةَ أدرَكَ النبيَّ صغيرًا ولم يسمعْ منه شيئًا" (٣).

وقال بعدمِ سماعِه أيضًا أحمدُ وابنُ مَعِيِنٍ وغيرُهما (٤).

وبُسْرٌ تكلَّمَ فيه غيرُ واحدٍ مِن الحُفَّاظِ؛ قال ابنُ معينٍ: "بُسْرُ بنُ أبي أرطاةَ رجلُ سوءٍ" (٥).

قال أحمدُ: "وذلك لما قد انتشَرَ مِن سوءِ فِعْلِهِ في قتالِ أهلِ الحَرَّةِ" (٦).

والقولُ بأنَّ الحدودَ لا تُقامُ في دارِ الحربِ هو الأرجحُ والأقربُ لمقاصدِ التشريعِ، والأشهرُ في المنقولِ عن الصدرِ الأولِ، وليس المرادُ مه إسقاطَ الحدِّ ولا تبديلَهُ؛ وإنَّما تأخيرُهُ إلا إنْ طالَ الأمدُ وصَلَحَتْ


(١) أخرجه أحمد (١٧٦٢٧) (٤/ ١٨١)، وأبو داود (٤٤٠٨) (٤/ ١٤٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٠٤).
(٢) "السنن الكبرى" (٩/ ١٠٤)، و"معرفة السنن" (١٣/ ٢٧٢).
(٣) ينظر: "تهذيب الكمال" (٤/ ٦٩)، و"ميزان الاعتدال" (١/ ٣٠٩).
(٤) ينظر: "تاريخ ابن معين" "دوري" (٣/ ١٥٢).
(٥) ينظر: "تاريخ ابن معين" "دوري" (٤/ ٤٤٨).
(٦) ينظر: "معرفة السنن والآثار" (١٣/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>