قال فيه:(حَتَّى يَرْتَحِلَ مِن مَنْزِلِهِ)؛ يعني: أنَّه ليس مسكَنًا له، ومِثلُ ذلك حديثُ أنسٍ عند أحمدَ وأهل "السنن"؛ قال:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ مَنزِلًا، لَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى يُصَلِّيَ الظُّهْرَ"(١)، فالمَنازلُ تُطلَقُ على ما يحُطُّ المسافِرُ والعابرُ فيه رَحْلَه.
ومَن كان يدخُلُ في بيتِهِ ويخرُجُ وهو مقيمٌ في بلدِهِ لا يُسمَّى دخولُهُ بيتَهُ كل يومٍ مرَّاتٍ: نزولًا؛ وإنَّما النزولُ الذي يكونُ بعدَ سفرٍ، أو كان في مكانٍ جديدٍ يُسكَنْ مِن قبلُ، ومَن كان في بيتِهِ ساكنًا حاضرًا لا يُسمَّى الدخولُ فيه نزولًا إلَّا لِمَنْ كان غريبًا، فيُقالُ: نزَل فلانٌ عندَ فلانٍ، ولا يُقالُ لصاحبِ الدارِ: نازلٌ، إلَّا إن كان بعدَ سفرٍ، أو طولِ عهدٍ، أو في مكانٍ جديدٍ.
ويُستحَبُّ لمَن كانتْ هذه حالَهُ -أي: في غيرِ موضعِ إقامةٍ- الدعاءُ بما في الآيةِ؛ لأنَّها تتضمَّنُ طلَبَ البَرَكةِ في مكانِهِ وموضعِهِ الجديدِ، والدعاءُ بما في الحديثِ؛ لأنَّه يتضمَّنُ الالتجاءَ مِن شرِّ مَن فيه وشرِّ عامِرِيه.
* * *
(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٠)، وأبو داود (١٢٠٥)، والنسائي (٤٩٨).