للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّعْنةِ ولو أتى الزوجُ بالشهودِ عليها، ففَرْقٌ بينَ شهودِ الزوجِ على زوجتِهِ وبينَ شهودِ الرَّجُلِ الأجنبيِّ عليها؛ فشهودُ الأجنبيِّ يُقامُ به عليها الحدُّ بالإجماعِ، وأمَّا شهودُ زوجِها، فاستثناهُمُ الشافعيُّ في حُكْمِ اللِّعانِ.

وأمَّا إنْ كان لدى الزوجِ شهودٌ، فهل له أن يختارَ اللِّعَانَ ويَدَعَ إقامةَ البيِّنِة، ليتحقَّقَ نفيُ الولدِ، ويُرفَعَ عنها الحدُّ فلا تُرجَمَ؟ فقد اختُلِفَ في ذلك:

وقد ذهَب مالكُ والشافعيُّ: إلى أنَّه يَحِقُّ للزوجِ اختيارُ اللِّعَانِ وإن قامَتِ البيِّنةُ عندَه بالشهودِ.

وذهَبَ أبو حنيفة وداوُد: إلى عدَمِ جوازِ اللِّعانِ إن قامَتِ البيِّنةُ بالشهودِ على زِناها.

المرحلة الثانيةُ: إذا لم يكنْ لدى الزوجِ شهودٌ على قَذْفِهِ لزوجتِه؛ فإنَّه يُطلبُ منه الشهادةُ لنفسِهِ بالصِّدْقِ أربعًا، ويَلعَنُ في الخامسةِ نفسَهُ إنْ كان كاذبًا، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، وشهادتُهُ ولعنُهُ لنفسِهِ ليس بيِّنةً على زوجتِهِ بوقوعِها في الفاحشةِ، ولكنَّه يَرفَعُ عنه الحدَّ فقطْ، وقد يكونُ كاذبًا وقد يكونُ صادقًا.

وإنِ امتنَعَ الزوجُ عن الشهادةِ واللعنِ، فإنَّه يُجلَدُ حدَّ القذفِ ثمانينَ جَلْدةً؛ كما يُجلَدُ كلُّ قاذفٍ بلا بيِّنةٍ؛ وبهذا قال جمهورُ العلماءِ.

خلافًا لأبي حنيفةَ؛ فإنَّه رأَى تعزيرَهُ بحبسٍ، ولم يجعلْ في نُكُولِهِ حَدًّا؛ لعدمِ النصِّ عليه، ولكنَّه معنًى ثْبَتَ بدَلَالةِ السياقِ بلا نصٍّ، بدَلَالةِ ذِكْرِ اللَّهِ نُكُولَ المرأةِ أنَّه يُوجِبُ الحَدَّ عليها بقولِهِ تعالى، {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} وظاهرُ السياقِ: أنَّ الشهادةَ تَدرأُ عنه العذابَ كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>