للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرٌ مِن أهلِ الفسادِ على إشاعةِ الفاحشةِ في وسائلَ إعلاميَّةٍ تَصِلُ إلى بُلْدانٍ ودُوَلٍ وملايينِ الناسِ.

الثالثُ: مكانُ إشاعتِها؛ فإنَّ إشاعةَ الفاحشةِ في موضعٍ مُعظَّمٍ كالمساجدِ تختلِفُ عن المَجالِسِ، وإشاعتُها في البُلْدانِ المقدَّسةِ كمكَّةَ والمدينةِ وبيت المَقدِسِ تختلِفُ عن غيرِها؛ لأنَّ محادَّةَ اللَّهِ فيها أعظَمُ مِن غيرِها؛ لأن مُقتضى تحريمِ المسجدِ الحرامِ ومُقتضى تعظيمِ المدينةِ وبيتِ المَقْدِسِ والبَرَكةِ فيها: إجلالُها وتعظيمُها والبُعْدُ عن عِصْيانِ اللَّهِ فيها.

وقول اللَّهِ تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ آخِرَ الآيةِ: إشارةٌ إلى أنَّ اللَّهَ حرَّم إشاعةَ الفاحشةِ وشدَّد فيها؛ لأنَّ لها أثرًا لا يَعلَمُهُ إلَّا هو، وأكثرُ حِكْمَتِهِ غائبةٌ، ولو أدرَكَ الناسُ تمامَ الحِكْمةِ لَسَلَّموا وتيقَّنوا جميعًا بصلاحِ الحُكْمِ، ولكنَّهم يَحْكُمونَ على ما ظَهَر، ويَغِيبُ عنهم ما خَفِيَ مِن الأَثَر.

* * *

* قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٢٧ - ٢٨].

نَهَى اللَّهُ عن دخولِ البيوتِ إلَّا بإذنِ أهلِها؛ فإنَّ لها حُرْمةً وعَوْرةً لا يجوزُ الاطِّلاعُ عليها، حتى وإنْ غلَبَ على ظنِّ الإنسانِ الإذنُ له، أو أنَّه لا يَرَى شيئًا يَكرَهُهُ أهلُها لكونِهم أهلَ احتشامٍ دائمٍ، فهذا لا يجوزُ؛ كما أنَّه لا يجوزُ له أن ينظُرَ مِن ثَقْبِ بابٍ، أو مِن فوقِ سُورٍ بحُجَّةِ أنَّ أهلَهُ أهلُ احتشامٍ دائمٍ! لأنَّ الحُكْمَ تعلَّقَ بالفعلِ ولو لم تُوجَدِ العِلَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>