للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَدِيَّةٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْبَابِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقُلْتُ: أَدْخُلُ؟ فَسَكَتَ، ثَلَاثًا، قَالَ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَقَالَ: لَمْ أَرَك تَهْتَدِي إِلَى السُّنَّةِ، فَعَلَّمْتُك"؛ رواهُ ابن أبي شَيْبةَ (١).

وأمَّا إنْ كان صاحبُ الدارِ قريبًا يَسمَعُ أولَ كلامِ الداخلِ، فيُشرَعُ تقديمُ السلامِ على الاستئذانِ؛ لأنَّ السلامَ هنا أخَذَ حُكْمَ اللقاءِ؛ فقد رَوَى أحمد وأهلُ "السنن"؛ مِن حديثِ رِبْعِيٍّ؛ قال: حدَّثَنا رجلٌ مِن بَني عامرٍ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ لِخَادِمِهِ: (اخْرُجْ إِلَى هَذا، فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأدْخُلُ؟ )، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ فَدَخَلَ (٢).

* * *

* قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ [النور: ٢٩].

رخَّص اللَّهُ بدخولِ البيوتِ التي لا ساكِنَ لها، وليس المرادُ بذلك أنَّه يجوز دخولُ البيتِ الذي ليس فيه أهلُهُ لسفرٍ أو غيرِه، وإنَّما المرادُ بالبيوتِ غيرِ المسكونةِ التي ليس لها عامِرٌ، أو لها عُمَّارٌ ولكنْ مِن الأماكنِ العامَّةِ التي يسكُنُها الناسُ كالمستَشْفَيَاتِ والمساكنِ المُشاعةِ التي لا تَختَصُّ بساكنٍ.

وذكَرَ اللَّهُ جوازَ ذلك بقولِه: ﴿فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾، للإشارةِ إلى أنَّ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٥٨٣٠).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣٦٨)، وأبو داود (٥١٧٧)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠٠٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>