للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا أنَّ مَن لا حِرْفةَ له ولا كسْبَ يُحسِنُهُ: أنَّ الأفضلَ عدمُ مكاتبتِه؛ حتى لا يَعِدَ ولا يَفِيَ، وربَّما أصابَ المالَ بحرام؛ ليتخلَّصَ مِن مُطالبتِه؛ ولو كاتَبَ مَن لا كَسْبَ له، جازَ، كما كاتَبَ أَهلُ بَرِيرَةَ بَرِيرَةَ ولا كَسْبَ لها، وقد جاءتْ إلى عائشةَ تطلُبُ العونَ (١).

والمرادُ بقولِه تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ إعانتُهُم بالتخفيفِ عنهم بإسقاطِ بعضِ المكاتَبَةِ، وقد كاتَبَ عمرُ وابنُهُ وابنُ عبَّاسٍ عَبِيدًا، ووضَعُوا عنهم شيئًا مِن مُكاتَبَتِهم.

* * *

* قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [النور: ٣٦].

في هذه الآيةِ: فضلُ بناءِ المساجدِ وتشييدِها، ورفعِها وإبرازِها؛ لِيَراها الناسُ؛ فيَقصِدُوها للعبادةِ مِن صلاةٍ واعتكافٍ وذِكرٍ.

وقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ قولُه: "هي المساجدُ يكرِمونَهُنَّ، ونَهى عن اللَّغْوِ فيها" (٢).

وصحَّ هذا عن مجاهدٍ وقتادةَ وغيرِهما (٣).

ومِن السلفِ: مَن حمَلَ البيوتَ على مساكنِ الناسِ عامَّةً؛ كعِكْرِمةَ (٤)، وجعلَ في ذلك مشروعيَّةَ ذِكْرِ اللَّهِ فيها وعمارتها بطاعتِه.

ومنهم: مَن خصَّها ببيوتِ النبيِّ (٥).


(١) أخرجه البخاري (٢٥٦١)، ومسلم (١٥٠٤).
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣١٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٠٤).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٠٥).
(٤) "تفسير الطبري" (١٧/ ٣١٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٣٦٠٥).
(٥) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>