للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي تَصُرُّ بطرَفِهِ بعضُ النِّساءِ الأوائلِ دنانيرَها؛ لتَماسُكِهِ وثباتِهِ عليها.

والصحابةُ والتابعونَ رخَّصُوا للقاعدِ أنْ تضَعَ الجلبابَ الذي تُؤمَرُ به الشابَّةُ كما في آيةِ الأحزابِ، وقد جاء بسندٍ صحيحٍ ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ مسعودٍ وابنِ عمرَ والشَّعْبيِّ وابنِ جُبَيْرٍ والحسنِ ومجاهِدٍ وعطاءٍ وعِكرِمةَ وقتادةَ وغيرِهم، وهؤلاءِ كلُّهم لهم تفسيرٌ للزِّينةِ الظاهرةِ التي تُنهى الشابَّة عن إبدائِها إلَّا لِمَنْ أذِنَ اللَّهُ لهنَّ أنْ يُبدِينَه؛ كما تقدَّمَ في قولِه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: ٣١].

واتفَقوا هناك على أنَّ ما تَختَصُّ به العجوزُ عن الشابَّةِ رفعُ الجلبابِ فقطْ، والجلابيبُ: هي ما تَختَصُّ بسَتْرِ الوجهِ مِن بَشَرةِ الجسمِ، وتكونُ فوقَ بقيَّةِ الثيابِ ثوبًا على ثوبٍ، فالجلبابُ فوقَ الخِمَارِ، ويدُلُّ على أنَّ الجلابيبَ ما كانتْ تستُرُ الوجوهَ للشابَّةِ جملةٌ مِن تفسيرِ أفصَحِ الناسِ وأقرَبِهم إلى الوحي، وهم الصحابةُ والتابعونَ، ولقد تقدَّم ذكْرُ هذه الآثارِ عند تفسيرِ قولِهِ تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾؛ فلتنظَرْ هناك.

واتِّفاقُ الصحابةِ والتابعينَ على هذا المعنى دليلٌ على القَدْرِ الباقي الذي اختصَّتْ به الشابَّةُ وميَّزَها عن القاعدِ، وما اختصَّتْ به القاعدُ عن الشابَّةِ.

ولا يتحقَّقُ فَهْمُ حِجابِ القواعدِ إلَّا بفَهْمِ حجابِ الشابَّةِ، ويُعِينُ فهمُ حجابِ القواعدِ على فهمِ حجابِ الشابَّةِ.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>