للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهَبُ أحمدَ في تفسيرِه لأحكامِ القرآنِ وغيرِها ظاهِرٌ في سؤالاتِه، ونُقولِ أصحابِه عنه، كاستدلالِه بدليلِ الخِطَابِ في قولِه تعالى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]؛ فنَقَلَ ابنُ هانِئٍ عنه أنَّه أَخَذَ مِن هذه الآيةِ أنَّ المُسْلِمَةَ لا تكشِفُ رأسَها عندَ نِساءِ أهلِ الذِّمَّةِ (١)، ومِثلُه: تحريمُه ذَبِيحةَ المَجُوسِيِّ وصيدَه؛ لقولِه تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥]؛ لكَوْنِ المَجُوسِ ليسوا أهلَ الكِتَاب (٢)، وأنَّ الغُرَابَ والسَّبُعَ يَقْتُلُه المُحْرِمُ ولا كَفَّارَةَ عليه لقولِه ﷿: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، وهذه لا تُسَمَّى صَيْدًا (٣).

ومذهَبُه: الوُقوفُ على العُمومِ المُستَغْرِقِ للجِنسِ في القُرآن وَالبَحْثُ عن مُخَصِّصٍ له، كما تَوَقَّفَ في عمومِ اليَدِ والوَلَدِ في قولِهِ تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، وقولِهِ تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]، فقد نَقَلَ ابنُه عبدُ اللهِ - ونحوَه صالِحٌ - قولَه: ". . . نَقِفُ عندَ الوَلَدِ حَتَّى يُنزِلَ اللهُ تعالى ألَّا يَرِثَ قاتِلٌ ولا عَبْدٌ ولا مُشْرِكٌ، فلَمَّا عبَّرَتِ السُّنَّةُ معنَى الكتابِ فقال رسولُ الله : (لَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا) (٤)، وقال: (لَا يَرِثُ القَاتِلُ) (٥) -: لم يُعْلَمِ الناسُ اختلَفُوا في أنَّ العبدَ لا يَرِثُ، وإنَّما قالَ رسولُ اللهِ :


(١) "مسائل أحمد، رواية ابن هانئ" (٢/ ١٤٩).
(٢) "أحكام أهل الملل والردة من الجامع لمسائل الإمام أحمد" (ص ٣٧٧)، و"العدة في أصول الفقه" (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١).
(٣) "مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله" (ص ٢٠٦).
(٤) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٦٢)؛ من حديثِ أسامةَ بن زيدٍ ؛ وصحَّحَه.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٢٠٢٠)؛ عن عمرِو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>