للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧].

في هذه الآيةِ: مشروعيَّةُ القصدِ والاعتدالِ حتى في النفقةِ والصَّدَقةِ؛ فلا يُجحِفُ المتصدِّقُ على نفسِهِ ويضيِّعُ مَن يَعُولُ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك في قولِه تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦].

* * *

* قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢]

الزُّورُ: الكذبُ والبُهْتانُ؛ ومِن ذلك قولُه تعالى: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: ٤]، وقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢]، وكلُّ قولٍ مُفترًى فهو زُورٌ، ويعظُمُ إذا كان مقرونًا بالشهادةِ، فيَشهَدُ الإنسانُ على شيءٍ لم يَرَهُ ولم يَسمَعْه، وهذا أعظَمُ مِن مجرَّدِ قولِ الزُّورِ وفِعْلِه؛ فإنَّ الإنسانَ قد يقولُ الباطلَ فينسُبُ باطلًا لأحدِ ولم يَزعُم أنَّه رآهُ ولا سَمِعَه منه، فهذا مع كونِه عظيمًا إلَّا أنَّ الأعظَمَ منه إذا زعَم أنَّه شاهِدٌ عليه بِسَمعِه أو بصرِه؛ فهذه شهادةُ الزُّورِ.

وقد غلَّظ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شهادةَ الزُّورِ، وحذَّر منها تحذيرًا شديدًا؛ كما في "الصحيحَيْنِ"، مِن حديثِ أبي بكرةَ -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ -ثَلَاثًا-؟ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الِوالِدَينِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ -أو قَولُ الزُّورِ-)، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>