للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَرَ اللَّهُ بتلاوةِ القرآنِ، وقرَنَ ذلك بالأمرِ بالصلاةِ؛ للدَّلَالةِ على أنَّ العبادةَ مع العِلْمِ متلازِمانِ لا ينفكُّ واحدٌ عن الآخَرِ، وأنَّ مَن اجتمَعَ عِلمُهُ بالقرآنِ بعبادتِه، اكتمَلَتْ فيه أركانُ الثباتِ على الحقِّ؛ وذلك لأنَّ العِلْمَ والعبادةَ كالقَدَمَيْنِ لا يُقامُ إلَّا عليهما؛ فالعلمُ يُزِيلُ الشُّبُهاتِ، والعبادةُ تُزِيلُ الشَّهَواتِ؛ كما في قوله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾، وقد تقدَّم الكلامُ على حُكْمِ الصلاةِ وفرضِ صلاةِ الجماعةِ في مواضِعَ مِن هذا الكتابِ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٨].

امتَنَّ اللَّهُ على نبيِّه بالقرآنِ وإعجازِهِ بفصاحتِهِ وبيانِه، مع جعلِهِ النبيَّ أُمِّيًّا حتى لا يُتَّهَمَ أنَّه قرَأَ ما يَتْلُوهُ مِن أُممٍ سابقةٍ، وليس كاتبًا حتى لا يُتَّهَمَ أنَّه كتَبَهُ لهم مِن تِلْقاءِ نفسِه، وكانت كفارُ قريشٍ تعرِفُ أُمِّيَّةَ النبيِّ ؛ لأنَّه نشَأَ بينَهم.

وقولُه: ﴿وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ فيه فضلُ استعمالِ اليمينِ في الكتابةِ وكلِّ شريفٍ ومكرَّمٍ، والتعاملِ بالأخذِ والعطاءِ؛ كما تقدَّمَتِ الإشارةُ إلى ذلك عندَ قولِهِ تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [الإسراء: ٧١]، وقولِه تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ١٧]؛ فقد كان موسى يُمسِكُ عصًا بيمينِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>