للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصحُّ - وهو قولُ عامَّةِ العلماءِ -: أنَّها إذا أجازَها الوَرَثةُ في حياةِ المُوصِي وبعدَ وفاتِهِ، مضَتْ.

وأكثرُ السَّلَفِ: على أنَّ الوَرَثةَ لو رجَعُوا عن إجازةِ الوصيَّةِ بأكثَرَ مِن الثُّلُثِ بعدَ موتِ مورِّثِهم: أنَّ رجوعَهم حقٌّ لهم؛ وذلك لأنَّهم ربَّما أجازُوا إرضاءً للمُوصِي، وحياءً منه؛ روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن الشَّعْبيِّ، عن شُرَيْحٍ؛ قال: "إذا استأذَنَ الرَّجلُ ورَثَتَهُ في الوصيَّةِ، فأَوْصَى بأكثرَ مِن الثُّلُثِ، فطَيَّبُوا له، فإذا نفَضُوا أيديَهُمْ مِن قَبْرِه، فهُمْ على رأسِ أَمْرِهم؛ إنْ شاؤُوا أجازُوا، وإنْ شاؤُوا لم يُجِيزُوا" (١).

وقال بهذا عطاءٌ وطاوسٌ والحَكَمُ وغيرُهم (٢).

ومنَعَ رجوعَهم بعضُ السَّلَفِ.

والأصحُّ: أنَّ لهم الرُّجوعَ؛ لأنَّ الوصيَّةَ قُيِّدَتْ بالثُّلُثِ بالنَّصِّ، والزيادةُ على الثلثِ مَرَدُّهُ إلى الوَرَثةِ، ولمَّا كان إذنُهم له في حياتِهِ كان حياءً وشفَقةً، فالعلماءُ يتَّفقُونَ على أنَّ ما أُخِذَ بسَيْفِ الحياءِ غيرُ جائزٍ، والمالُ استَقَرَّ حقًّا لهم بعدَ وفاتِه، ثمَّ هم أَوْلى به مِن غيرِه، وكان الإذنُ بغير طِيبِ نفسٍ منهم.

وإذا أَوْصَى المُوصِي بوصيَّتَيْنِ، فيُعمَلُ بأُخْراهما؛ فقد روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن يونُسَ، عن الحسَنِ قال: "إذا أَوْصَى بوصيَّةٍ، ثمَّ أَوْصَى بأُخرى بعدَها، قال: يُؤخَذُ بالأُخرى منهما" (٣).

وقال بهذا عطاءٌ وطاوسٌ وأبو الشَّعْثاءِ (٤).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٢٣) (٦/ ٢٠٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٢٥، ٣٠٧٢٧، ٣٠٧٢٩) (٦/ ٢٠٩).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٣٣) (٦/ ٢٠٩).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٣٤) (٦/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>