فالإنسانُ الذي يكلَّفُ بما يكلَّفُ به غيرُهُ يتسلَّى ويتعزَّى، بخلافِ ما لو أُمِرَ بتكليفٍ وحدَهُ مِن دونِ الناسِ.
ثانيًا: فيه حَثٌّ وحَضٌّ على العملِ؛ فأُمَّةُ محمَّدٍ ﷺ خيرُ الأُمَمِ؛ قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠] , وفي الحديثِ:(إِنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ ﷿)؛ أخرَجَهُ أحمدُ؛ مِن حديثِ بَهْزِ بن حَكِيمٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه (١).
فإذا فعَلَ مَنْ دُونَهم ما أُمِرُوا به وهم خيرُ الأممِ، فهم مِن بابِ أَولى أنْ يقوموا بأمرِ اللهِ.
ثالثًا: لبيانِ مَنْزِلةِ شريعةِ الصيامِ؛ فالأمرُ الذي يُحكِمُهُ اللهُ في كلِّ شريعةٍ دليلٌ على فضلِهِ على غيرِهِ مِن الأعمالِ، وأنَّ صلاحَ دِينِ الأممِ جميعًا لا يستقيمُ إلَّا به، وإنِ اختلَفُوا في غيرِه، والعبادةُ التي تُفرَضُ في كلِّ شريعةٍ أَشَدُّ تمكُّنًا في فِطْرةِ الإنسانِ مِن غيرِها، وإنْ كانتْ جميعُ العباداتِ على فِطْرةِ الإنسانِ التي طُبعَ عليها، لكنَّها تَختلِفُ تمكُّنًا منها.
واللهُ لطيفٌ بعبادِهِ رحيمٌ بهم، وهو بأُمَّةِ محمَّدٍ أرحمُ، وإذا جَعَلَ العبادةَ التي رَحِمَ بها الأممَ سببًا لرحمةِ أمَّةِ محمَّدٍ، فهذا دليلٌ على أنَّ اللهَ اختار مِن شرائعِ الأممِ أَشَدَّ أعمالِها رَحْمةً ويُسْرًا.