للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: ﴿كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾، فيه: دليل على التفريقِ بينَ الذنوبِ كبيرِها وصغيرِها، وأنَّها على مَراتِبَ وليستْ على مرتبةٍ واحدةٍ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك وتفصيلُهُ وبيانُ موقفِ السلفِ منه، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)[النساء: ٣١].

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)[النجم: ٣٩].

بيَّن اللَّهُ أنَّ الإنسانَ لا يُثابُ إلَّا على مَا كسَبتْهُ يمينُه، وسَعَى إليه بنفسِه؛ وذلك للحثِّ على المبادَرةِ وعدمِ الاعتمادِ على ثوابٍ يأتيهِ مِن غيرِ كَسْبِه؛ فيَنْدَمُ على تفريطِهِ وتسويفِه، وَيُستثنى مِن هذه الآيةِ ما خَصَّهُ الدليلُ؛ ومنه قوله : (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ، انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صدَقَةٍ جَارِيةٍ, أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (١).

وقد تقدَّم الكلامُ على مسألةِ إهداءِ الثوابِ وأُجُورِ القُرَبِ للمَيِّتِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤].

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١)[النجم: ٦١].

ذكَر اللَّهُ لَهْوَ كُفَّارِ قريشٍ عن سماعِ الوحي، ورُوِيَ عن بعضِ السلفِ: أنَّ معنى السُّمُودِ هنا هو الغِناءُ، والمرادُ: الانشغالُ بالغناءِ عن كلامِ اللَّهِ؛ رواهُ عِكْرِمةُ عن ابنِ عبَّاسٍ قولَه: ﴿سَامِدُونَ﴾ قال: هو الغناءُ؛


(١) أخرجه مسلم (١٦٣١)؛ من حديث أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>