للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندَ احتمالِ الآيةِ العمومَ والخُصوصَ، نَقَلَ عنه عبدُ اللهِ الأخذَ بالعُمومِ، كما في قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢]؛ قال أحمدُ: "ما كان في الجاهليَّةِ فظاهِرُها يحتَمِلُ أن يكونَ أَبُوه وجَدُّه وجَدُّ أَبِيه، وقال بعضُ الناسِ: وكذلك أَبُو أُمِّهِ لا يتزَوَّجُ امرَأَتَه" (١).

وكان أحمدُ رُبَّمَا خَصَّصَ عامَّ السُّنَّةِ بخاصِّ القرآنِ، كما في قِصَّةِ أبي جَنْدَلٍ (٢)؛ وذلك لَمَّا تصالَحَ النبيُّ على أنْ يَرُدَّ للمشرِكِينَ مَن جاءَهُم مؤمِنًا، فرَدَّ النبيُّ الرِّجَالَ ولم يَرُدَّ النِّسَاءَ مع كونِ صُلْحِه عامًّا؛ وفي ذلك قولُه تعالى: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [الممتحنة: ١٠] (٣).

وكان يُخصِّصُ عُمومَ القرآنِ بفِعلِ النبيِّ كما في قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]؛ فجَعَلَ القُرْبَ: الجِمَاعَ؛ لفِعلِ النبيِّ مع أزواجِهِ ونومِهِم في لِحَافٍ واحدٍ (٤).

وكان يخصِّصُ عمومَ الآيةِ بالقِياس، كما في قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: ٦]، فكان أحمدُ يقولُ بأنَّ الرجلَ إذا قَذَفَ زوجتَه بعدَ الثلاثِ وله منها ولدٌ يريدُ نَفْيَه: أنَّه يُلَاعِنُ، فقِيلَ له: إنَّ اللهَ يقولُ


(١) "مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله" (ص ٣٣٦).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٧١١، ٢٧١٢)؛ من حديث مروانَ بنِ الحَكَم والمِسْوَر بنِ مَخْرَمَةَ .
(٣) "مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله" (ص ٢٥٢)، و"العدة في أصول الفقه" (٢/ ٥٦٩).
(٤) "العدة في أصول الفقه" (٢/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>