للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احتَجَّ أحمدُ بحديثِ ابنِ عمرَ هذا؛ كما قالهُ الأثرمُ (١).

وأمَّا ما رواهُ الشيخانِ، عن ابنِ عمرَ: "أن رسولَ اللَّهِ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرآنِ اِلَى أرْضِ العَدُوِّ" (٢)، فذلك مخافةَ أن يَنالَه العدوُّ.

وقد كان بعضُ السلفِ يرخِّص في تحويلِ المصحفِ من موضعِ إلى موضعٍ بلا طهارةٍ، ولم يَجعَلوهُ كالمسِّ الطويلِ؛ كما صحَّ عن ابنِ سيرِينَ فيما رواهُ هشامٌ عنه، أنَّه لم يكنْ يَرَى بأسا أنْ يحوِّلَ الرجلُ المصحفَ وهو غيرُ طاهرٍ (٣).

وجوَّز مِثلَ هذا بعضُ الفقهاءِ من الشافعيَّةِ.

وكتُبُ التفسيرِ ليستْ قرآنًا، فيجوزُ مسُّها بلا طهارةٍ، ومِن بابِ أَوْلى كتُبُ الفقهِ، والمراسلاتُ التي تتضمَّنُ قرآنًا؛ فقد رَوَى البخاريُّ ومسلمٌ؛ أنَّ في كتابِ رسولِ اللَّهِ إلى هِرَقْلَ آيةً مِن القرآنِ الكريمِ، وهي قولُه تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤] (٤).

* * *


(١) ينظر: "التلخيص الحبير" (١/ ١٣١)، و"نيل الأوطار" (١/ ٢٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٩٠)، ومسلم (١٨٦٩).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٧٤٢٦).
(٤) أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣)؛ من حديث ابن عباسٍ .

<<  <  ج: ص:  >  >>