جُيُوشًا إلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بنِ أبي سُفيَانَ، وَكانَ أَمِيرَ رُبُعٍ مِنْ تِلكَ الأَرْبَاعِ، فقال:"إِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لا تَقْتَلنَّ امْرَأَةً، ولا صَبِيًّا، ولا كَبيرًا هَرِمًا، ولا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، ولا تُخَربَنَّ عَامِرًا، ولا تَعْقِرَنَّ شَاةً ولا بَعِيرًا إِلا لِمَأْكَلَةٍ، ولا تَحْرِقَنَّ نَخلًا، ولا تُغَرِّقَنَّهُ، ولا تَغْلُلْ، ولا تَجْبُنْ"(١)، وهو مُرسَلٌ، وقد جاء مِن وجهٍ آخَرَ؛ فرواهُ عثمانُ بنُ عطاءٍ، عن أبيهِ، عن أبي بكرٍ؛ وهو مرسَلٌ أيضًا.
وهذا لا يَتعارضُ مع قولِ مَنْ أجازَ؛ لأنَّ مَنْ قال بجوازِ ذلك، لم ينفِ مَنْعَه عندَ تحقُّقِ كونهِ إفسادًا، أو لم يكنِ العدوُّ منتفِعًا مِن الزرعِ، ولا أثَرَ عليه بحَرْقِه، فإنْ كانتِ الحالُ كذلك، فيُقالُ فيه كما قاله أبو بكرٍ.
صالَحَ النبيُّ ﷺ يهودَ بني النَّضيرِ في قُرَاهم فَدَكَ وما حَوْلَها، فأَعطَوْهُ مالَهُمْ ليَدْفَعوا عن أنفُسِهم القتالَ، فسمَّى اللَّهُ ذلك المالَ فَيْئًا؛ لأنَّ المالَ الذي يغنَمُ مِن العدوِّ بلا قتالٍ فَيْءٌ؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾؛ يعني: أنَّكم لم