للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِصْمَتِه، ويُشتَرطُ أن يكونَ ذلك في زمنِ عِدَّتِها؛ فإنَّ للمُسلِمةِ مِن الزوجِ الكافرِ عِدَّةً كعِدَّةِ المطلَّقةِ، فالمطلَّقةُ تَبْدَأُ عِدَّتُها مِن طلاقِ زوجِها، والزوجةُ تَبدأُ عِدَّتُها بإسلامِها.

الثاني: ذهَبَ بعضُ الأئمَّةِ: إلى أنَّ إسلامَ أحدِ الزوجَيْنِ وتأخُّرَ الآخَرِ لا يَلزَمُ معه عودتُهما بعقدٍ جديدٍ مهما طالتِ المُدَّةُ، ما لم تتزوَّجِ المرأةُ بعدَ زوجِها ثمَّ تُطلَّقْ، وقد رَجَعَ النبيُّ ابنتَهُ زينبَ إلى زوجِها أبي العاصِ بنِ الربيعِ بنكاحِها الأولِ (١)، وبينَ إسلامِهما سِنُونَ؛ فقد تَبِعَها بإسلامِهِ سنةَ ثمانٍ.

واحتَجَّ به أحمدُ؛ قيل له: أليس يُروى أنَّه ردَّها بنكاحٍ مستأنَفٍ؟ قال: ليس له أصلٌ (٢).

ويكثُرُ في الصدرِ الأولِ إسلامُ أحدِ الزوجَيْنِ وتأخُّرُ الآخَرِ، ولم يثبُتْ أنَّ النبيَّ أمَرَ بعقدٍ جديدٍ.

وأمَّا ما رواهُ عمرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه مرفوعًا: (أنَّ النَّبِيَّ رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي العَاصِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ ونِكَاحٍ جَدِيدٍ)، فقد أعَلَّه أحمدُ والبخاريُّ والترمذيُّ (٣).

وقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ النكاحَ باقٍ ما لم تتزوَّجْ بعدَ انقضاءِ عِدَّتِها؛ كما روى البخاريُّ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ وَالمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبٍ؛ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ؛ لا يُقَاتِلُهُمْ ولا يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ، لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢١٧)، وأبو داود (٢٢٤٠)، والترمذي (١١٤٣)، وابن ماجه (٢٠٠٩).
(٢) "المغني" لابن قدامة (١٠/ ١٠).
(٣) "مسند أحمد" (٢/ ٢٠٧)، و"سنن الترمذي" (١١٤٢)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>