للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو تطليقُ الزوجةِ في حَيْضِها أو نِفَاسِها، أو في طُهْرٍ قد جامَعَها فيه، أو يُطلِّقُها في زمنِ عِدَّتِها مِن تطليقةٍ سابقةٍ، أو يُطلِّقُها أكثَرَ مِن طلقةٍ مرةً واحدةً.

وأمَّا الصغيرةُ والآيسةُ التي لا تَحِيضُ، فلا طلاقَ بدْعيًّا يتعلَّقُ بحَيضِها ونِفاسِها؛ وإنَّما البِدْعيُّ يتعلَّقُ بتطليقِها في زمنِ عِدَّتِها مِن طلقةٍ سابقةٍ، أو تطليقِها بأكثَرَ مِن واحدةٍ مرةً واحدةً.

ومِن الأئمَّةِ كالشافعيِّ: مَن لم يَجعَلْ مجرَّدَ الطلاقِ ثلاثًا بِدْعةً ما دام طلاقُها في طُهْرٍ لم يُجامِعْها فيه؛ فاعتبَر الزمانَ ولم يَعتبرِ العَدَدَ، ولكنْ أمَرَ النبيُّ ابنَ عمرَ أن يُراجِعَها، ثمَّ إنَّ اللَّهَ تعالى قال بعدُ: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾، والأمرُ: الرَّجْعةُ، وهذا يدُلُّ على أنَّ المرادَ بقولِه: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ طلاقُ الرَّجْعةِ، وهو الأصلُ، والثلاثُ على قولِهِ لا رجعةَ فيها، وقد أخَذَ بعمومِ الآيةِ: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، فوسَّعَ في عددِ الطَّلَقاتِ ما دام في العِدَّةِ، وقد تقدَّم الكلامُ على الطلاقِ الثلاثِ بلفظٍ واحدٍ أو مجلِسٍ واحدٍ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩].

وقولُه تعالى: ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ أمَرَ اللَّهُ بضبطِ العِدَّةِ؛ لأنَّ ذلك يتعلَّقُ به حقوقٌ واستحلالُ فُرُوجٍ وتحريمُها، ومِن ذلك الميراثُ؛ فلو مات أحدُ الزوجَيْنِ في آخِرِ يَوْمٍ مِن عِدَّةِ طلاقِ الرَّجْعةِ ولم تخرُجْ منها، فإنَّهما يَتوارَثانِ، وتعتدُّ الزوجةُ لوفاةِ زوجِها، وبضبطِ العِدَّةِ تُحفَظُ الأرحامُ مِن أن يكونَ فيها نُطْفةٌ لزوجٍ سابقٍ، فتتزوَّجُ غيرَهُ فيَنتسِبُ الولدُ إلى غيرِ أبيه، وكلُّ خِطْبةٍ لزوجةٍ في عِدَّةِ طلاقِها فهي محرَّمةٌ؛ لأنَّها في عِصْمةِ زوجِها واحتمالِ رَجْعتِها إليه، فضلًا عى حُرْمةِ وطءِ غيرِ زوجِها لها -ولو كان بعقدٍ- في أثناءِ العِدَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>