للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى علقمةُ بنُ قيسٍ؛ أنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ مسعودٍ قال: مَن شاءَ لَاعَنْتُهُ، ما نزَلَتْ: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ إلَّا بعدَ آيةِ المتوفَّى عنها زوجُها، قال: وإذا وضَعَتِ المُتوفَّى عنها زوجُها، فقد حَلَّتْ؛ يُريدُ بآيةِ المتوفَّى عنها زوجُها: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] (١).

وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المسألةِ، وعمومِ عِدَّةِ المتوفَّى عنها زوجُها، في سورةِ البقرةِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [٢٣٤].

* * *

* قال اللَّه تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦].

أمَر اللَّهُ بسُكْنى المطلَّقةِ، وأنَّه لا يجوزُ إخراجُها حتى تخرُجَ مِن عِدَّتِها، فتَسْتَبِينَ أمْرَها، وإذا أمَرَ اللَّهُ بإسكْانِ المطلَّقةِ في عِدَّتِها، فوجوبُ السُّكْنى على الزوجِ للزوجةِ مطلَقًا واجبٌ متعيِّنٌ، وهو أَولى.

وقولُه تعالى: ﴿مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ أَسْكِنُوهُنَّ بحسَبِ قُدْرَتِكم وما تَجِدُونَهُ مِن قوةٍ واستطاعةٍ، وقد جعَلَ اللَّهُ السُّكْنى بحسَبِ قدرةِ الزوجِ، لا بحسَبِ حاجةِ الزوجةِ؛ حتى لا يُضِرَّ بنفسِهِ وولدِه.

وقولُهُ تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾: لا تَفْعَلوا شيئًا مِن الضِّيقِ والحَرَجِ الذي يَدفَعُهُنَّ إلى تركِ حَقِّهِنَّ مِن السُّكْنى؛ هربًا مِن الأذى؛


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٥٤)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٥٦٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>