للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبيُّ : (لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ. . . فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي) (١).

قولُه تعالى: ﴿نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾: السُّنَّةُ في قيامِ الليلِ: عدمُ قيامِهِ كلِّه؛ وإنَّما يقومُ بعضَه، وأفضَلُهُ آخِرُه، والسُّنَّةُ: أن ينامَ أولَهُ ويقومَ في نصفِهِ الأخيرِ قَدْرَ الثُّلُثِ منه؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، عن النبيِّ ؛ أنَّه قال: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، وَيُفطِرُ يَوْمًا) (٢).

وقد كان النبيُّ ينامُ أولَ الليلِ حتى ينتصِفَ، وقد جاء ذلك في أحاديثَ كثِيرةٍ، ومنها: ما رواهُ ابن عبَّاسٍ في مَبِيتِه عندَ خالتِه ميمونةَ، وفيه قال: "نَامَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ -أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيِلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ- ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَجَلَسَ، فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ معَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي" (٣).

وفيهما: أنَّه كان يقومُ إذا سَمِعَ الصارخَ، كما روى مسروقٌ قال: سألتُ عائشةَ : أيُّ العملِ كان أَحَبَّ إلى النبيِّ ؟ قالتِ: الدَّائِمُ، قال: قلتْ: فأيَّ حينٍ كان يقومُ؟ قالت: "كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ" (٤)، والمرادُ بذلك هو صِياحُ الدِّيكِ.

وأولُ ما يَصرُخُ الدِّيكُ نصفُ الليلِ غالبًا، وربَّما قبلَهُ بقليلٍ، وقد رَوى أحمدُ، وأبو داودَ، عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ؛ أنَّ النبيَّ قال:


(١) أخرجه البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١)؛ من حديث أنسٍ .
(٢) أخرجه البخاري (١١٣١)، ومسلم (١٨٩/ ١١٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (١١٩٨)، ومسلم (٧٦٣).
(٤) أخرجه البخاري (١١٣٢)، ومسلم (٧٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>