للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطاعةِ، أجبتُهم، وكلَّما كان الإنسانُ للهِ أقرَبَ، كان أَحْرَى بإجابةِ الدعاءِ.

وحمَلَ بعضُ السلفِ قولَه تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ على الدُّعاءِ؛ أي: فلْيَدْعوني؛ قاله أنَسُ بنُ مالكٍ (١).

وإجابةُ اللهِ لعبدِهِ كما يراهُ اللهُ صالحًا لعبدِهِ في عاجلِهِ وآجِلِهِ، لا كما يراهُ العبدُ؛ فاللهُ لا يعجِّلُ للناسِ الشرَّ لو سألوه إيَّاه: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١]؛ فكيف لو سألَ الإنسانُ خيرًا وهو يؤولُ إلى شرٍّ؟ !

فاللهُ يَعْلَمُ ما لا يعلمُهُ العبدُ، فقد يُحجَبُ الإنسانُ إجابةَ شيءٍ بعَيْنِهِ يُريدُهُ لأنَّه لا يدري حالَهُ معه، فيعوِّضُهُ اللهُ بلطفِه ورحمتِهِ بغيرِه، وأمَّا الاستجابةُ عندَ توافُرِ شروطِها، فهي قطعيَّةٌ بهذا المعنى، وليستْ قطعيَّةً بالإجابةِ بما يُريدُ العبدُ بعينِهِ؛ وذلك يبيِّنُهُ قولُهُ تعالى: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾ [الأنعام: ٤١]؛ فقيَّدَ الكشفَ بمشيئتِهِ التي تكونُ فوقَ مشيئةِ العبدِ، ومشيئتُهُ سبحانه تتبَعُ علمَهُ وحِكْمتَهَ.

ورُوِيَ من غيرِ وجهٍ: أنَّ سببَ نزولِ قولِه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ أنَّ سائلًا سألَ النبيَّ ، فقال: يا محمَّدُ، أقريبٌ ربُّنا فنُناجِيَهُ، أم بعيدٌ فنُنادِيَهُ؟ فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ﴾؛ الآيةَ؛ أخرجَهُ ابنُ جريرٍ الطَّبَريُّ؛ مِن حديثِ جريرٍ، عن عَبْدَةَ السِّجِسْتانيِّ، عن الصُّلْبِ بنِ حَكِيمٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، به (٢).

ورُوِيَ من مُرْسَلِ الحسَنِ وعطاءٍ؛ وهي ضعيفةٌ.


(١) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣١٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>