أوَّلًا: أن يدخُلُوا في الإسلامِ، ويَأْمَنوا مِن عقابِ اللهِ، ويأمَنَ المؤمنونَ من كُفْرِهم.
ثانيًا: أن يُقتَلوا ويُكفَى المؤمنونَ شرَّ كُفْرِهم.
ثالثًا: أن يُذَلُّوا بالجِزْيةِ؛ فلا تَكونَ لهم شَوْكةٌ أو قوَّةٌ يتشوَّفُ المؤمِنُ بسببِها إلى الاقتداءِ بهم والتأسِّي بحالِهم؛ فإنَّ الجِزْيةَ فُرِضَتْ صَغارًا لهم، والذليلُ لا يتأثَّرُ الناسُ بقولِه؛ وذلك أنَّ النفوسَ جُبِلَتْ على حُبِّ العظيمِ القويِّ والتأسِّي به؛ فجعَلَ اللهُ الجِزْيةَ صَغَارًا عليهم: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩].
وذلك حتَّى تُحمى بَيْضَةُ المسلِمينَ مِن تسلُّلِ رأيِ الكفرِ وقالَتِهِ واعتقادِهِ إليهم بإذلالِ أصحابِ الكُفْرِ، ويضعُفَ أمرُهُمْ عن التربُّصِ بالمؤمنينَ بمحاوَلَةِ العدوانِ ولو بعدَ حينٍ.
وهذا في أهلِ الكتابِ مِن اليهودِ والنصارى، وأمَّا المشرِكُونَ الوثنيُّون، فلا يُتقبَّلُ منهم إلَّا الإسلامُ أو القَتْلُ؛ لقولِهِ ﷺ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. . .)؛ الحديثَ (١)، وهذا في المشرِكِينَ.
ولِذا لم يأخُذِ النبيُّ مِن مُشرِكٍ جِزْيةً، وإنَّما أخَذَها مِن أهلِ الكتابِ، ويأتي بيانُه بإذنِ اللهِ.
وحمَلَ بعضُ السَّلَفِ كابنِ عُمَرَ الآيةَ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ على خوفِ المؤمنينَ مِن فِتْنةِ الكفَّارِ؛ لِقلَّةِ المؤمِنِينَ وكثرةِ الكفَّارِ، وأنَّ الآيةَ لا تُؤخَذُ على عمومِها وإطلاقِها في كلِّ حالٍ؛ فقد أخرَجَ البخاريُّ، عن نافعٍ؛ قال: "جاءَ رَجُلَانِ إلى ابنِ عُمَرَ أَيَّامَ فِتْنةِ ابنِ الزُّبَيْرِ, فقالا: إنَّ الناسَ صَنَعُوا ما تَرى وأنتَ ابنُ عُمَرَ وصاحبُ النبيِّ ﷺ؛ فما يمنعُكَ
(١) أخرجه البخاري (٢٥) (١/ ١٤)، ومسلم (٢٢) (١/ ٥٣)؛ من حديث عبد الله بن عمر ﵄.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute