للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ) (١).

* * *

قالَ تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٩٤].

مُنِعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في شهرِ ذي القَعْدةِ سنةَ سِتٍّ مِن دخولِ مَكَّةَ، لمَّا ذهَبَ إليها قاصِدًا العُمْرةَ، وتصالَحَ مع المشرِكِينَ على دخولِها العامَ القابِلَ، وأن يُقِيمَ فيها ثلاثةَ أيَّامٍ، فكان لهم ذلك بعدَما أَعَدَّ المسلِمُونَ العُدَّةَ؛ تحسُّبًا لمنعِ المشرِكِينَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَهُ مِن دخولِ مكَّةَ ونَقْضِهِمْ العهدَ، فأبدَلَ اللهُ نبيَّهُ بشهرِ الصَّدِّ سَنَةَ ستٍّ شهرَ دخولٍ سَنَةَ سبعٍ، وهو شهرُ ذي القَعْدةِ الشَّهْرُ الحرامُ، وكانتِ العربُ تسمِّيهِ "ذا القَعْدةِ"؛ لأنَّهم يقعُدُونَ فيه عن القتالِ، فسمَّاهُ اللهُ بما يَعرِفونَه.

روى ابنُ جريرٍ الطبريُّ؛ مِن حديثِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهِدٍ؛ في قولِ اللهِ - جلَّ ثناؤُه -: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}، قال: "فَخَرَتْ قُرَيشٌ بِرَدِّها رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يوم الحُدَيْبِيَةِ مُحْرِمًا في ذي القَعْدَةِ عنِ البلدِ الحَرامِ، فأدخَلَهُ اللهُ مكَّةَ في العامِ المُقْبِلِ من ذي القَعْدةِ، فقَضَى عُمرتَهُ، وأقصَّهُ بما حِيلَ بينَه وبينَها يومَ الحديبيةِ" (٢).

وروى أيضًا؛ من حديثِ سعيدٍ، عن قَتَادةَ؛ قولَه: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}: "أقبل نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ، فاعتمَرُوا في ذي


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٦٢) (٣/ ٢٧٤).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>