للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]، فاللهُ ضرَبَ لهُم أجَلًا، وهو انقضاءُ الأشهُرِ الحُرُمِ من العامِ التاسِعِ للهِجْرةِ في زَمَنِ حَجَّةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - بالناسِ، ثمَّ جعَلَ اللهُ نهايةَ الأَجَلِ هو نهايةَ محرَّمٍ من العامِ العاشرِ من السنةِ التاليةِ، وهي العاشرةُ، ثمَّ أَحَلَّ القتالَ في كلِّ زمَنٍ.

وهو منسوخٌ بقولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦].

وقد صحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قاتَلَ في الأشهُرِ الحُرُمِ بعد ذلك؛ فقد غَزَا هَوَازِنَ بحُنَيْنٍ، وثَقِيفًا بالطائفِ في شهرِ ذي القَعْدةِ؛ كما في كُتُبِ الصحيحِ.

وأَغْزَى أبا عامرٍ إلى أَوْطَاسٍ في الشهرِ الحرامِ.

وغَزْوةُ ذاتِ الرِّقَاعِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِن شَهْرِ المحرَّمِ، وغزا بني قُريْظةَ لسبعٍ بَقِينَ مِن ذي القَعْدةِ، وغزا غَزْوَتَهُ في تَبُوكَ لخَمْسٍ خَلَوْنَ مِن رجَبٍ.

وقد بايَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قتالِ قُرَيْشٍ بَيْعَةَ الرِّضْوانِ في ذي القَعْدةِ، لمَّا بلَغَهُ أنَّ قُرَيْشًا قتلَتْ رسولَهُ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ حِينَما أرسلَهُ إليهم، فغَدَرُوا به، فبايَعَهُمْ على القتالِ، فبانَ أنَّ عثمانَ لم يُقتَلْ فصالَحَهُمْ.

والإجماعُ منعقِدٌ على جوازِ القتالِ في جميعِ أيَّامِ السَّنَةِ ولياليها، ولعطاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ قولٌ بعَدَمِ النَّسْخِ؛ فقد روى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ؛ قال: قلتُ لِعَطَاءٍ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧]، قلتُ: ما لهم؛ وإذْ ذاكَ لا يَحِلُّ لهم أن يَغزُوا أهلَ الشِّرْكِ في الشهرِ الحرامِ، ثمَّ غَزَوْهُم بعدُ فيه؟ ! فحلَفَ لي

<<  <  ج: ص:  >  >>