للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٩٧].

جعَلَ اللهُ للحجِّ زمنًا يُعمَلُ فيه، ويسمَّى أَشْهُرَ الحجِّ، وهي: شَوَّالٌ، وذو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ من ذي الحِجَّةِ، على قولِ جمهورِ العلماءِ؛ كأحمدَ وأبي حنيفةَ والشافعيِّ.

وجعَلَ الشافعيُّ ليلةَ النَّحْرِ فقطْ مِن أشهُرِ الحَجِّ، لا يَوْمَهُ.

روى ابنُ أبي شَيْبَةَ، عن عبدِ اللهِ قولَه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ قال: "شوالٌ، وذو القَعْدةِ، وعَشْرُ ذي الحِجَّةِ" (١).

وقال له ابنُ عباسٍ وابنُ عُمَرَ، ومجاهِدٌ والشَّعْبيُّ والنَّخَعيُّ (٢).

وظاهرُ الآيةِ: جعلُ الأشهرِ أكثَرَ مِن اثنَيْنِ، وهو أقلُّ الجمعِ على قولٍ؛ وذلك لأنَّه جعَلَ بعضَ الشهرِ بمنزلةِ الشهرِ؛ تقولُ: رأيتُك شهرَ كذا أو سنَةَ كذا أو يومَ كذا، والمقصودُ: رأيتَهُ فيه؛ أي: في أيَّامٍ منه لا كلِّه.

وقد جعَلَ مالكٌ ذا الحجَّةِ كاملًا، وليس مرادُ مالكٍ: أنَّ الحَجَّ يصحُّ بعدَ ليلةِ النحرِ، ولا أنَّ المعتمِرَ بعدَها يُعتبَرُ متمتِّعًا؛ وإنَّما المرادُ بقاءُ فضلِ الأيامِ والسَّعَةُ في أعمالِها، وأنَّ العمرةَ في باقي ذي الحجةِ مفضولةٌ.

وقد كان غيرُ واحدٍ مِن السلفِ يَكْرَهُ أداءَها في أشهُرِ الحجِّ لغيرِ المتمتِّعِ؛ رُوِيَ هذا عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ سِيرينَ، والقاسمِ بنِ محمدٍ:

روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن طارقِ بنِ شهَابٍ؛ قال: قال عبدُ اللهِ:


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١٣٦٣٦) (٣/ ٢٢٢).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٢٢١ - ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>