معها وهم قليلٌ، وكانت بقيةُ العربِ تقفُ بِعَرَفةَ وتنصرِفُ قبلَ غروبِ الشمسِ، فَبيَّنَ اللهُ هَدْيَهُ ومناسكَ الحجِّ للنَّاسِ على ما كان عليه الخليلُ إبراهيمُ؛ ولذا قال اللَّهُ: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾، لا مِن مزدَلِفةَ؛ كما بَدَّلَتْ قريشٌ حيثُ كانت تُفِيضُ منها، ولمَّا ذكَرَ اللهُ الإفاضةَ مِن مزدَلِفةَ بعدَ عَرَفةَ، قال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾؛ يعني: العرب وقريشًا وغيرَهم، فكانوا كلُّهم يجتمعونَ في مزدَلِفةَ فيُفِيضُونَ منها؛ لأنَّهم لم يكونوا يختلِفونَ في الإفاضةِ من مُزْدَلِفةَ؛ وإنَّما يختلِفونَ في الإفاضةِ مِن عَرَفةَ.
ولا خلافَ أنَّ المشعرَ الحرامَ هو مزدَلِفةُ؛ صَحَّ هذا عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، وابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، وعِكْرِمةَ، والحَسَنِ (١).