للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضْلِه؛ فإنَّ سؤالَ اللهِ حَسَنةَ الدُّنْيا: كافٍ في قضاءِ اللهِ لمطلوبِ العَبْدِ؛ لأنَّ اللهَ أعلَمُ بما يُصلِحُهُ وما ينفَعُهُ، ومِثلُهُ سؤالُ اللهِ حَسَنةَ الآخِرةِ، فيه تسليمُ أمرِ العبدِ للهِ، وإيكالُ ذلك إلى كَرَمِ اللهِ وفَضْلِهِ وإحسانِه.

وفي هذه الآياتِ: سَعَةٌ على الأُمَّةِ في العملِ للدُّنْيا في الحجِّ بما لا يفوِّتُ مَنَاسِكَهُ، ويَقْدَحُ في نِيَّتِه، مِنَ التجارةِ والإجارةِ والصناعةِ وغيرِ ذلك، وقد كان ابنُ عباسٍ يَستدِلُّ بهذه الآيةِ على كلِّ انتفاعٍ دنيويٍّ يحتاجُ إليه العبدُ في مَنَاسِكِهِ ولو وجَدَهُ في غيرِه؛ فقد روى ابنُ أبي حاتمٍ، والحاكمُ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قال: "جاءَ رجلُ إلى ابنِ عباسٍ، فقال: إنِّي أَجَّرْتُ نفسي مِن قَوْمٍ على أنْ يَحْمِلُونِي، ووَضَعْتُ لهم مِن أُجْرَتِي على أنْ يَدَعُونِي أَحُجُّ معهم، أفيُجْزِي ذلك؟ فقال: أنتَ من الذين قال اللهُ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ " (١).

* * *

قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة: ٢٠٣].

في الآيةِ: استحبابُ ذِكْرِ اللهِ في الأيَّامِ المعدوداتِ، وهُنَّ أيامُ التشريقِ؛ أيامُ مِنًى؛ رُوِيَ هذا عن عليٍّ وابنِ عباسٍ وابنِ عمرَ (٢).

وأكثرُ الصحابةِ: على أنَّ الأيامَ المعدوداتِ أربعةٌ، ورُوِيَ عن عليٍّ أنَّها ثلاثةٌ: يومُ الأضحَى ويومانِ بعدَهُ (٣)، ولعلَّهُ قصَدَ حالَ المتعجِّلِ؛


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٣٥٩)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٧٧).
(٢) ينظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٥٤٩ - ٥٥٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٦١).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>