للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحجِّ، وذا القَعْدةِ وذا الحِجَّةِ ومحرَّمًا موضِعُ الحجِّ وعودةِ الحاجِّ إلى أهلِه.

وقولُ اللهِ: ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيْلِ اللهِ﴾، قيل: رُفِعَ ﴿وَصَدٌّ﴾؛ للعطفِ على ﴿كَبِيْرٌ﴾، وقيلَ: رُفِعَ مبتدأً خبرُهُ قولُهُ: ﴿أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، وهذا الأرجَحُ، ولو عُطِفَ الصدُّ عَلَى ﴿كَبِيْرٌ﴾ لكانَ قولُهُ: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ﴾ معطوفًا عليه، والقتالُ في الأشهُرِ الحُرُمِ ليس كُفْرًا باللهِ يُخرِجُ مِن الملَّةِ، إلَّا لِمَن جحَدَ تحريمَهُ وقتَ التحريمِ، فهو مكذِّبٌ للهِ.

ولو كان الصدُّ كُفْرًا، لَلَزِمَ أَنْ يكونَ إخراجُ أهلِ الحَرَمِ منه أكبَرَ مِن الكفرِ؛ وهذا لا يقولُ به أحدٌ.

ويَظهَرُ التربُّصُ عندَ المحاجَجةِ والمجادَلةِ في كفَّارِ قُريشٍ، وتَرْكِ ما عليهم، وأَخْذِ الذي لهم؛ وهذه عادةُ أهلِ الأهواءِ؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا﴾ [النور: ٤٩، ٥٠].

وربَّما كان الحقُّ الذي عليهم أعظَمَ، وهو مُسقِطٌ للحقِّ الذي لهم، والجهلُ بهذه الأشياءِ سبَبٌ لاستِمرارِ كثيرٍ مِن أهلِ الأهواءِ في الضلالِ.

مِن أنواعِ الجهلِ:

والجهلُ على نوعَيْنِ:

الأوَّلُ: جهلُ حقيقةِ الشيءِ بعيِنِه، وعدَم معرفةِ حُكْمِه.

الثاني: جهلُ مرتبتِهِ مِن بين مَرَاتِبِ غيرِهِ، مع المعرِفةِ به بعينِهِ منفرِدًا.

وهذانِ اجتَمَعَا في كفَّارِ قريشٍ كثيرًا، وإذا جَهِلَ الإنسانُ مَرَاتِبَ الأشياءِ, انشغَلَ بالأدنَى عن الأعلَى، ووجَدَ الهَوَى مِن ذلك مَدخَلًا؛ ليرتِّبَ الحقائقَ كما تَهوى النفسُ.

وكفَّارُ قريشٍ أخرَجوا النبيَّ وأصحابَهُ مِن مَكَّةَ، وصَدُّوهم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>