للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإشهادِ علقمةُ وابنُ المُسيَّبِ والحسنُ وعِكْرِمةُ والنَّخَعيُّ.

ومِن هؤلاءِ المفسِّرينَ: مَن جعَلَ اللسانَ كافيًا في الرَّجْعةِ ولو كان قادرًا على الجماعِ.

والأظهرُ: أنَّ الفيءَ لا يكونُ إلَّا بجماعٍ؛ لأنَّ اللهَ ذكَرَ الفيءَ وهو الرجوعُ، والرجوعُ يكونُ إلى ما ذهَبَ عنه الحالِفُ، وهو الجِمَاعُ، ويُستثنَى مِن ذلك: مَن كان معذورًا؛ لأنَّ اللهَ لا يكلِّفُ نفسًا إلَّا وُسْعَها، ثُمَّ إنَّ المَقصِدَ هو عدَمُ الإضرارِ بالزوجةِ، وعدمُ العَنَتِ على الرَّجُلِ؛ ولذلك فإنَّ عدَمَ عُذْرِ المحبوسِ والمريضِ مرضًا طويلًا أطولَ مِن مُدَّةِ الإيلاءِ: لا يستقيمُ على قواعدِ الشرعِ.

ثُمَّ إنَّ الأمرَ بالفيءِ لحقِّ الغيرِ، وهي الزوجةُ، وحقُّها لا يتحقَّقُ إلَّا بالجمَاعِ، لا بمجرَّدِ الفيئةِ باللسانِ.

ومَن عزَمَ الفيءَ والرجوعَ عَن يمينِهِ في آخِرِ المُدَّةِ، فوجَدَ زوجتَهُ حائِضًا أو نُفَساءَ، وانتِظَارُها يُخرِجُها مِن مُدَّةِ الإيلاءِ، فيَكفِيهِ الفيءُ باللسانِ، والإشهادُ على ذلك؛ لأنَّه أرادَ الرجوعَ، ومنَعَهُ الشارعُ، فجماعُ الحائِضِ والنُّفَساءِ لا يجوزُ؛ فهو فاءَ لأمرِ اللهِ، وامتنَعَ لأمرِه.

ومِثلُ ذلك: مَن أرادَ الرجوعَ قبلَ نهايةِ مُدَّةِ الإيلاءِ، فامتَنعَتْ منه زوجتُهُ أو احتَجَبَتْ واختفَتْ عنه، فرجوعُهُ صحيحٌ؛ لأنَّ مُدَّةَ الإيلاءِ لرفعِ الحَرَجِ عنها، وهي أسقَطَتْ حقَّها بذلك.

وأمَّا مَن توسَّعَ في معنى الإيلاءِ مِن السلفِ، فجعَلَ كُلَّ يمينٍ يهجُرُ الرجلُ بها مِن زوجتِهِ شيئًا، فهو إيلاءٌ؛ كتَرْكِ كلامِها، أو الأكلِ معَها، فهؤلاءِ توسَّعوا فيما يتحقَّقُ به الرجوعُ؛ تبعًا لتوسُّعِهم فيما يكونُ الإيلاءُ.

وقولُه تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾:

إنْ رجَعَ الزَّوْجُ إلى جماعِ زوجتِهِ بعدَ إيلائِهِ ألَّا يَقْرَبَها، فاللهُ غفورٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>