الثانيةُ: إذا أرادَ الإضرارَ بالزوجةِ؛ إمَّا ليُسِيءَ إليها في معامَلتِهِ وهي عندَهُ، أو ليُمْسِكَها ثُمَّ يُطلِّقَها حتَّى يطولَ أَمَدُها بلا زوجٍ؛ فهذا إمساكٌ محرَّمٌ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١].
ورَدُّ الزوجةِ: إمَّا أن يكونَ في العِدَّةِ، فهو حقٌّ للزَّوْجِ فقَطْ ولو لم تُرِدِ الزوجةُ، ولا يَلزَمُهُ عقدٌ ولا مهرٌ بالاتفاقِ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾؛ يَعني: في عِدَّتِهِنَّ.
واختُلِفَ في وجوبِ الإشهادِ، والأرجَحُ: عدمُ وجوبِهِ في الرَّجْعةِ في العِدَّةِ، ووجوبُه بعدَ الخروجِ مِن العِدَّةِ وبلوغِ الأَجَلِ؛ قال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢].
وإمَّا أن يكونَ في غيرِ العِدَّةِ، فهو حقٌّ للزوجَيْنِ جميعًا، وللوليِّ أيضًا.
وتَرجِعُ الزوجةُ في العِدَّةِ بالإشهادِ على ذلك منه، بلا خلافٍ؛ وإنَّما الخلافُ ما لو جامَعَها أو قبَّلَها أو لَمَسَها أو فعَلَ مَعَها ما لا يَحِلُّ إلَّا للزوجِ مِن زوجتِهِ؛ هل تَرجِعُ بمجرَّدِ هذا الفعلِ أم لا؟
والصحيحُ: أنَّها تَرجِعُ بالجِمَاعِ؛ وهو قولُ ابنِ المسيَّبِ والحسَنِ وابنِ سِيرِينَ؛ وهو قولُ طائفةٍ مِن أصحابِ مالكٍ.
ويَرى أبو حَنيفةَ وأهلُ الرأيِ: أنَّ اللَّمْسَ رَجْعةٌ أيضًا؛ خلافًا للجمهورِ الذين لا يَرَوْنَ الجماعَ ولا ما دُونَهُ رَجْعةً؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وإسحاقَ.
وقال مالكٌ: هو رجعةٌ لو نَوَاها، ويَجِبُ أن يُشهِدَ.