للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعَتْ قبلَ عِدَّةِ الوفاةِ، فيَجِبُ أن تتعبَّدَ بإتمامِ عِدَّتِها.

حكاهُ الشافعيُّ في "الأمِّ"، عن بعضِ الصحابةِ؛ وهو قولٌ يُروى عن عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ، وقال به سُحْنُونٌ.

ولعلَّ ابنَ عبَّاسٍ رجَعَ عنه.

وقد قضى النبيُّ بوضعِ الحملِ، ولا معقِّبَ لقضائِه؛ فـ: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣ - ٤]؛ ففي "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ أبي سَلَمةَ؛ قال: جاءَ رجلٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ وأبو هُرَيْرةَ جالسٌ عندَه، فقال: أَفْتِنِي في امرأةٍ ولَدَتْ بعدَ زَوْجِها بأربعِينَ ليلةً، فقال ابنُ عبَّاسٍ: آخِرُ الأجَلَينِ، قلتُ أنا: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤]، قال أبو هريرةَ: أنا معَ ابن أخي؛ يَعني: أبا سَلمةَ، فأرسَلَ ابنُ عَبَّاسٍ غُلامَهُ كُرَيْبًا إلى أمِّ سَلَمةَ يَسْأَلُها، فقالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأسلَمِيَّةِ وهي حُبْلَى، فوضَعَتْ بعدَ موتِهِ بأربعِينَ ليلةً، فخُطِبَتْ فأَنْكَحَها رسولُ اللهِ ، وكان أبو السَّنَابِلِ فيمَن خَطَبَها (١).

فإذا وضعَتِ، انقضَتْ عِدَّتُها حالَ وَضْعِها، ولو كان زوجُها على نعشِهِ لم يُدفَنْ، بل لو لم يغسَّلْ بعدُ، ولا يجِبُ عليها التربُّصُ حتَّى تطهُرَ مِن نِفَاسِها؛ لظاهرِ الآيةِ والحديثِ.

وذهَبَ بعضُ فقهاءِ العراقِ: إلى ترَبُّصِها إلى طُهْرِها مِن نفاسِها؛ قال به الشَّعْبيُّ والحسَنُ والنَّخَعيُّ وحَمَّادٌ.

وعِدَّةُ المتوفَّى عنها زوجُها أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، تُتِمُّها بأيَّامِها ولياليِها، وهو قولُ عامَّةِ العلماءِ؛ لظاهرِ الآيةِ، واليومُ يرادُ به الليلُ والنهارُ إذا أُطلِقَ.


(١) أخرجه البخاري (٤٩٠٩) (٦/ ١٥٥)، ومسلم (١٤٨٥) (٢/ ١١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>