فيَشمَلُ فَرْضَهُ لها عندَ العقدِ وبَعْدَه؛ ما دامَ قبلَ الطلاقِ؛ وهذا قولُ الجمهورِ؛ خلافًا لأبي حنيفةَ في قولٍ؛ فيَرَى أنَّ الفرضَ بعدَ العقدِ لا يُوجِبُ النِّصْفَ لها، بل يَرَى أنَّ لها مَهْرَ المِثْلِ، وخالَفَهُ في ذلك صاحِبَاهُ، وذكَرَ غيرُ واحدٍ رجوعَ أبي حنيفةَ عن هذا.
وذهَبَ بعضُ السلفِ: إلى أنَّ للمطلَّقةِ - المفروضِ لها ولم تُمَسَّ - مُتْعةً كالمطلَّقةِ المفوَّضةِ؛ رُوِيَ هذا عن ابنِ عَبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ، وأخَذَ به الشافعيُّ.
وبعضُ العلماءِ: جعَلَ آيةَ الأحزابِ عامَّةً لكلِّ مَن لم تُمَسَّ؛ فُرِضَ لها أو لم يُفرَضْ، وبعضُهُمْ جعَلَهَا محمولةً على المفوَّضةِ فحَسْبُ، وأنَّ آيةَ البَقَرةِ قَيَّدَتْ آيةَ الأحزابِ.
وقولُهُ تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾: بيانٌ أنَّ الحَقَّ للزَّوْجةِ في مَهْرِها، ولها حقُّ إسقاطِهِ عن زَوْجِها ومُسامَحَتِهِ، فلو عَفَتْ عنه وتنازَلَتْ، سقَطَ حقُّها، ولم يَجِبْ لها عليه شيءٌ؛ قال بهذا ابنُ عبَّاسٍ وابنُ المسيَّبِ وشُرَيْحٌ القاضي ومجاهِدٌ وعِكْرِمةُ وقتادةُ والحسَنُ وغيرُهم.
ولا أعلَمُ مَن قال بخلافِ هذا القولِ إلَّا محمَّدَ بنَ كَعْبٍ القُرَظيَّ؛ فجعَلَ المقصودَ بالعفوِ هنا للأزواجِ؛ ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾: الأَزواجُ (١).