للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت حائلًا، فقد اختلَفَ العلماءُ في نفقتِها على قولَيْنِ:

القولُ الأوَّلُ: أنْ لا نفقةَ لها؛ وهذا قولُ جمهورِ الفقهاءِ.

القولُ الثاني: أنَّ لها النفقةَ والسُّكْنَى، وهو قولُ الحنفيَّةِ، ونُسِبَ لابنِ أبي ليلى والثَّوْريِّ.

الثانيةُ: مطلَّقةٌ رجعيَّةٌ غيرُ مبتوتةٍ، فجمهورُ العلماءِ: على أنَّ لها النَّفَقةَ وجوبًا؛ لكونِها في عِصْمَتِه، ومعدودةً زَوْجةً له، تَرِثُهُ ويَرِثُها حتَّى تخرُجَ مِن عِدَّتِها.

ومتعةُ المطلَّقةِ واجبةٌ على الصحيحِ؛ لظاهرِ الآيةِ وعمومِها، ولقولِهِ تعالى: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وهو أمرٌ يُحمَلُ على ظاهرِهِ، ولقولِه: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، والحقوقُ الأصلُ فيها الوجوبُ.

ورُوِيَ هذا القولُ عن عُمَرَ وعليٍّ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ والحسَنِ، وروايةٌ عن أحمدَ حكاها عنهُ حَنْبَلٌ، بل قال ابنُ تيميَّةَ: بالمتعةِ لكلِّ مطلَّقةٍ وجوبًا، إلَّا التي لم يُدخَلْ بها وقد فُرِضَ لها، وهي روايةٌ عن أحمدَ أيضًا.

وقال مالكٌ وأبو عُبَيْدٍ وشُرَيْحٌ القاضي: بالاستحبابِ.

وصَرَفوا الأمرَ إلى الاستحبابِ؛ لقولِه: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، مع قولِه في حُكْمِ المتاعِ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، فالإحسانُ مرتبةٌ تزيدُ على الواجباتِ؛ فجعَلَها حقًّا ولكنْ على المحسِنينَ، فلم يَجْعَلْها عامَّةً على كلِّ أحدٍ.

والمُختلِعةُ والمُلاعَنةُ والمُصالَحةُ: لا مُتْعةَ لها.

ونصَّ غيرُ واحدٍ مِن الشافعيَّةِ: أنَّ كلَّ طلاقٍ سببُهُ المرأةُ لِطَلَبِها إيَّاه فلا مُتْعةَ لها فيه؛ لأنَّها مَن زَهِدَ في صُحْبةِ الزوجِ ولم يَزْهَدْ هو

<<  <  ج: ص:  >  >>