للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٧].

جعَلَ اللهُ لبني إِسرائيلَ طَالُوتَ مَلِكًا يقاتِلُ بهم، ويقاتِلُونَ معه، وذكَرَ اللهُ نزاعَهُم بعد طلبِهم منه الملِكَ، فرَأَوْا أنَّهم أحَقُّ منه بالوِلَايةِ؛ وذلك لأنَّهم رأَوْا مِن أمرِ دنياه ما لا يستحسِنُونَهُ بنفوسِهِم، فاستنقَصُوهُ نَسَبًا؛ فكانَ مِن سِبْطِ بِنْيامِينَ، ولم يَكُنْ بهم مَمْلَكةٌ ولا نُبُوَّةٌ؛ قالَهُ قتادةُ وغيرُه (١).

وروى عمرُو بنُ دِينَارٍ، عن عِكْرِمةَ؛ قال: "كان طالوتُ سَقَّاءً يَبِيعُ الماءَ"؛ أخرجَهُ ابنُ جريرٍ (٢)؛ ولذا قالُوا: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا﴾.

وهذه المآخِذُ ليست محلَّ تفضيلِهِ عليهم في القتالِ؛ ولذا قالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾، وشروطُ الوِلَاياتِ تختلِفُ بحَسَبِ منازلِها؛ فوِلَايةُ الجهادِ تختلِفُ عن ولايةِ الإمامِ في الصلاةِ، ووِلَايةِ المالِ، وولايةِ القضاءِ والحدودِ، وولايةِ الأيتامِ والأعراضِ.

والمقصودُ بالعلمِ هنا هو: العِلْمُ بالقتالِ والحربِ، والكَرِّ والفَرِّ، وأَحكامِ العدوِّ رجالًا ونساءً وشيوخًا، وأحكامِ المهادَنةِ والمسالَمةِ؛ حتَّى لا يقَعَ الظلمُ.

قال وهبُ بنُ منبِّهٍ وغيرُهُ في عِلْمِ طالوتَ: "هو العِلْمُ بالحربِ" (٣).


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ٤٥٠، ٤٥٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٤/ ٤٥٠).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>