للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفْرِ، ثم يَنْفِيهِ؛ كحالِ المنافِقِينَ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، واختَلَفُوا في استتابةِ المرتدِّ ومدَّتِها وصِفَتِها، واختلَفَ الفقهاءُ في حالِ المرأةِ المرتدَّةِ وأخْذِها حُكْمَ الرجلِ، وهذا له مواضِعهُ - بإذنِ اللهِ تعالى - مِن كتابِ اللهِ.

وإذا قاتَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المشرِكَ الأصليَّ، فكيفَ بالمرتَدِّ المعانِدِ؟ !

وليس في الآيةِ تخييرٌ بالخروجِ مِن الإسلامِ وعدَمِ الإلزامِ بالدخولِ فيهِ لكلِّ أحدٍ، واللهُ يقولُ بعد ذلك: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}، فقد أمَرَ بالكفرِ بالطاغوتِ، وأمَرَ بالإيمانِ باللهِ؛ ليبيِّنَ أنَّ مَنْ لم يفعَلْ ذلك، انفصَلَتْ عُرَاهُ، وانقطَعَ دِيِنُهُ.

* * *

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: ٢٦٧].

أمَرَ اللهُ بالإنفاقِ مِن طيِّباتِ الكسبِ، ومِن خراجِ الأرضِ، فالكسبُ كسبُ اليدِ ممَّا تُخرِجُهُ مِن مالٍ، ومِن تجارةٍ وصناعةٍ وحِرْفةٍ، فكلُّ مالٍ تَكْسِبُهُ اليدُ فيه زكاةٌ عندَ دَوَرانِ الحَوْلِ عليه، وبلوغِهِ نصابًا، فالآيةُ يُقيِّدُ عمومَها أحاديثُ الحَوْلِ؛ كما في حديثِ عائشةَ مرفوعًا: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ)؛ رواهُ ابنُ ماجَهْ (١)، ورَواهُ أحمدُ؛ مِن حديثِ عاصمِ بنِ ضَمْرةَ، عن عليٍّ، بنحوِهِ (٢)، ورُوِيَ موقوفًا مِن هذا الوجهِ؛ رواهُ ابنُ أبي شَيْبةَ (٣)، ورُوِيَ عنِ ابنِ عمرَ مرفوعًا وموقوفًا (٤)؛ والموقوفُ عنهما أصحُّ.


(١) أخرجه ابن ماجه (١٧٩٢) (١/ ٥٧١).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٦٥) (١/ ١٤٨).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٠٢١٤) (٢/ ٣٨٦).
(٤) أخرجه الترمذي (٦٣١) (٦٣٢) (٣/ ١٦ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>