للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلُهُ رهنُ المجهولِ وما فيه غَرَرٌ؛ فلا يجوزُ رهُنهُ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ قبضُهُ.

واختُلِفَ في اشتراطِ قَبْضِ الرهنِ؛ هل هو شرطٌ لصِحَّةِ الرَّهْنِ ولزومِه أو لا؟ على قولَيْنِ مشهورَيْنِ:

الأولُ: أنَّه شرطٌ لِصِحَّتِهِ ولزومِه؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ والشافعيِّ.

الثاني: أنَّ القبضَ ليس شرطًا لِصِحَّةِ الرهنِ؛ فيصحُّ الرهنُ ويلزمُ بالعقدِ، ولكنَّه لا يَتِمُّ إلا بالقَبْضِ؛ وهذا قولُ مالكٍ.

وثمرةُ ذلك: أنَّ العقدَ يُلزِمُ الراهنَ بتسليمِ الرهنِ، ولا يجوزُ له الرجوعُ عنه، وإنْ لم يُقبَضْ عندَ العَقْدِ وقبلَ الافتراقِ.

والقولُ الأوَّلُ يَشترِطُ مصاحبَةَ قبضِ الرهنِ للعقدِ قبلَ الافتراقِ.

واستدامةُ القبضِ شرطٌ لِصِحَّةِ الرهنِ على قولِ الجمهورِ؛ لظاهِرِ الآيةِ، خلافًا للشافعيِّ؛ لأنَّ رجوعَ الرهنِ ليدِ الراهِنِ يُخرِجُهُ مِن وصفِ القبضِ في الآيةِ.

ثمَّ أمَرَ اللهُ بأداءِ الأمانةِ وتقوى اللهِ فيها، وحَرَّمَ كِتْمانَ الشهادةِ؛ لأنَّ الإيمانَ إذا فُقِدَ، فُقِدَتِ الأمانةُ، وكُتِمَتِ الشهادة، وضاعَتِ الحقوقُ.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>